الاثنين، 22 أكتوبر 2012

بوشلاكة:نداء تونس يريد أن يكون عش دبابير لرموز التجمع

أوضح  رفيق عبد السلام وزير الشؤون الخارجية أن الدعوة التي وجهها قسم الشؤون الأوروبية للسفير الفرنسي بتونس كان هدفها الرئيسي الاستيضاح منه مباشرة حول الخبر الذي نشر بخصوص زيارته لمقر نقابة الصحفيين وهي زيارة تزامنت مع دخول الصحفيين في إضراب عن العمل.
كما أكد الوزير في حديث خصّ به «التونسية» أن ملفات الفساد المالي والإداري التي تمّ الكشف عنها صلب الوزارة أحيلت على القضاء للبتّ فيها. وتناول الحوار أيضا علاقة حزب «النهضة» بحركة «نداء تونس» على خلفية مقتل المنسق الجهوي للحركة بتطاوين من قبل محتجين بالإضافة إلى علاقة حزب «النهضة» بالسلفيين وإمكانية إعادة النظر من قبل «الترويكا» في مواعيد الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

 ترددت أخبار مفادها أن الوزارة وجهت احتجاجا لسفير فرنسا بتونس بدعوى «التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد» على خلفية زيارته لنقابة الصحفيين عشية الإضراب الذي دعت إليه.. هل من توضيح؟

- أولا، لا بد من التوضيح أن قسم الشؤون الأوروبية هو الذي استدعى السفير لمعرفة حقيقة الخبر من المعني بالأمر مباشرة دون اللجوء إلى الوسائط. والحقيقة أن سفير فرنسا بتونس أكد أن زيارته لمقر النقابة يوم الثلاثاء تندرج في إطار سلسلة من الزيارات التي أداها وسوف يؤديها إلى شخصيات رسمية وأحزاب سياسية ونشطاء بالمجتمع المدني مضيفا أنها لم تكن زيارة ذات طابع خصوصي. وهنا أؤكد أن السفير وفق ما صرح به، لم يعبر عن مساندته لإضراب الصحفيين باعتبار أنه يحترم مبدأ السيادية الوطنية ومقتضيات عمله الديبلوماسي.
وشخصيا عندما تحدثت عن الموضوع، صرحت بأنه من حيث المبدإ بصفة عامة نحن حريصون على سيادتنا الوطنية.. وهو مبدأ من مبادئ ثورة الحرية والكرامة وكذلك العزة الوطنية وبالتالي فنحن لا نسمح لأية جهة كانت بالتدخل في شؤوننا وقضايانا المحلية.
من جانب آخر، أكدنا كحكومة، أننا حريصون على ضمان حرية الإعلام والصحافة وإذا كانت هناك خلافات أو اختلافات في وجهات النظر، فنحن قادرون على حلها في إطار التشاور والتحاور ونحن مستعدون للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع مختلف الفرقاء للتوصل إلى حلول توافقية.

 كيف تتراءى لكم علاقة الحكومة بالإعلام خاصة بعد الإضراب الذي شنّه القطاع يوم الأربعاء الماضي؟

- إن قرار الحكومة بتفعيل المرسومين 115 و116 دليل قاطع على إرادتها السليمة ورغبتها الصادقة في معالجة كل المشاكل العالقة. نحن في مرحلة انتقال ديمقراطي، وهناك حالة مخاض في كل المجالات وعلى جميع الأصعدة وداخل كل المؤسسات بما في ذلك القطاع الإعلامي. والجميع يعلم أن المجال الإعلامي كان مكبلا ويرزح تحت وصاية ورقابة النظام السابق.
الآن، الحمد لله، ورغم كل ما يقال، يتوفر ببلادنا مناخ من الحرية الإعلامية لا يمكن بأية حال من الأحوال مقارنته بالوضع السابق. وإني أؤكد من موقعي هذا أن الحكومة الحالية حريصة كل الحرص على معالجة كل المشاكل ونحن نؤمن بمقتضيات الديمقراطية التي تستوجب وجود فضاء إعلامي حر ومستقل.
كما نعتقد أنه في صورة وجود أي إخلال في القطاع الإعلامي فإن مسؤولية الإصلاح تقع على عاتق الإعلاميين بالدرجة الأولى، وهم المسؤولون عن ترميم بيتهم الداخلي حسب رغبتهم ووفق أولوياتهم الخاصة. وأعتبر أن قرار الحكومة تفعيل المرسومين 115 و116 خطوة في الاتجاه الصحيح بما يقيم الدليل على رغبتها وإرادتها في معالجة كل القضايا العالقة.
ملفّات الفساد بيد القضاء

 إلى أين وصلت قضية ملفات الفساد صلب الوزارة؟

- نحن قمنا بواجبنا كوزارة حيث شكلنا لجنة تتكوّن من إطارات إدارية ومهنية للنظر في كل الملفات. وتبين بالفعل أن هناك تجاوزات وحالات فساد مالي وإداري وقد تولينا إحالة الملفات إلى القضاء للبت فيها.
 كثر الجدل حول التعيينات في تمثيلياتنا الديبلوماسية بالخارج خاصة حول الولاءات الحزبية وحتى العائلية في اختيار المُعيّنين..
- إرضاء الناس غاية لا تدرك».. يمكنني القول إن هذه التعيينات هي أكثر حركة تتوفر بها الشروط الموضوعية المرتكزة على الإلتزام بالمعايير المهنية وبقواعد متفق حولها. وأؤكد لك أن هذه التعيينات لم تخضع لأي شكـــل مـن أشكال المحابـاة وكــانت في أغلبهــا غير سياسيـة حيث لم نتجاوز الاعتبارات السياسية في أقصى الحالات بنسبـــــة 7٪ وكـــــانت التسميات والتعيينات إداريــــة بنسبـــة 90٪ ومن داخـــل وزارة الخارجية. ومـــا أشيع عن بعض التعيينات التي تتعلق بأشخاص مقربين من السلطة غير صحيح بالمرة، لأننا لا نعتمد على عنصر القرابة والمحاباة في عملنا. صحيح، تمت تسمية السيد هشام المرزوقي قنصلا عاما ببون وهو شقيق رئيس الجمهورية، وهنا أؤكد أنه تم اختيار هذا الإطار على أساس كفاءته وخبرته الطويلة وتقديرا لتضحياته أيضا.
فهل يعقل أن نعاقب الرجل مرتين عوقب المرة الأولى لأنه شقيق أحد رموز المعارضة أيام المخلوع، وبعد الثورة لا نعطيه حقه لأنه شقيق رئيس الجمهورية؟؟ إن معيارنا الوحيد هو الكفاءة والاقتدار واختيار الرجل المناسب في المكان المناسب. وهو أولا وأخيرا ابن وزارة الخارجية سلط عليه النظام السابق كافة أصناف التجميد الإداري.
«نداء تونس» رغوة إعلامية لا غير

 ما ردّكم على اتهام «نداء تونس» صراحة لعناصر نهضوية بقتل المنسق الجهوي للحركة بتطاوين يوم الخميس الماضي؟

- أولا، نحن ندين العنف بجميع أصنافه مهما كان مأتاه، وهذا مبدؤنا. وكنا دعونا إلى تكوين لجنة تحقيق في هذه الحادثة الأليمة وملابساتها مع حرصنا على إبعادها عن التوظيفات السياسية حتى لا يقع استخدام أي حدث من الأحداث مهما كانت طبيعته حتى وإن كانت جنائية، ونفضل أن تخضع مثل هذه الأحداث إلى التحقيق القضائي.
إن من أكبر مكاسب الثورة أنها ثورة سلمية وهادئة ولم تكن محكومة بروح الانتقام والتشفي وإراقة الدماء كما حصل في تجارب وثورات أخرى، ولذلك علينا الحفاظ على هذا المكسب. بالطبع لدينا تحفظات كثيرة على «نداء تونس» لا كحزب سياسي، لأن بلادنا اليوم والحمد لله متاح فيها العمل السياسي وحق التنظيم.
لكن معارضتنا لـ«نداء تونس» وتحفظاتنا عليه هي بسبب أنه يريد أن يكون «عش دبابير» أي يوفر غطاء لرموز تجمعية سابقة. ونحن وإن لم نكن في معركة مع التجمعيين في المطلق، فإننا في معركة مع رموز الفساد ورموز النظام السابق لسبب رئيسي أن هذه الثورة قامت ضد التجمعيين وضد رموز النظام السابق. فلا يمكن أن نسمح لمن أطردناهم من الباب أن يعودوا من الشباك.

 ألا يمكن فهم تشبث «النهضة» بمشروع قانون استبعاد التجمعيين من الحياة السياسية بسبب خوفها من جماهيرية «نداء تونس»؟ وهل يمكن اعتبار قتل منسق الحركة بمثابة صب الزيت على النار في علاقة «نداء تونس» بـ«النهضة»؟

- لا يجب أن نخلط الأمور، ولا علاقة لمقتل منسق «نداء تونس» إطلاقا بمشروع قانون الاستبعاد. هذه قضية أخرى. مشروع القانون لا يزال يخضع لنقاش صلب الأحزاب السياسية وداخل المجلس الوطني التأسيسي.

 ولكن هناك من يرى أن حرص «النهضة» على مشروع القانون هذا إنما ينبع من تخوّفها من منافس شرس في الانتخابات المقبلة اعتمادا على استطلاعات رأي تؤكد أن «نداء تونس» يشكّل منافسا قويا لـ«النهضة»؟

- أنا أشكك في اعتبار «نداء تونس» منافسا شرسا، وأنا بوصفي وزير خارجية أؤكد أن «نداء تونس» لن يحصل في أحسن الأحوال على أكثر من 8 أو 9 ٪ من أصوات الناخبين. في تقديري الشخصي، «نداء تونس» هو ظاهــرة إعلاميــة مضخمة ولكن حجم كل حزب سياسي سيقاس من خلال صناديق الاقتراع على كل حال. لا أتصور أن حزب «نداء تونس» هو حزب منافس حقيقي وشرس. الأحزاب التي أتت بها الثورة والتي تشكلت من رحم الثورة هي الأحزاب الحقيقية.
ولا أتصور أن المشهــد السيـاسي التونسي سيشهــد تغييرات في الانتخابات القادمة. المشهد السياسي الذي تشكل بعد الثورة سيبقى قائما بنفس الصورة مع بعض التعديلات الطفيفة من هنا وهناك.

 تؤكد بعض الأطراف أن أغلب عناصر لجان حماية الثورة من النهضويين؟

- ليست جريمة..

 ولكن يقال إنهم الجناح العسكري لحركة «النهضة»؟

- هذا أيضا يدخل في إطار خلط الأوراق والتوظيف السياسي. فلجان حماية الثورة ولجان حماية الأحياء، كلها لجان ولدت من رحم الثورة، وهذا قانون كل الثورات تشكل صلبها قوى مجتمعية لحماية الثورة ومكتسباتها وحفظ السلم والأمن العام. وأوضح هنا أن الثورة ليست نقطة بل هي مسار ونحن لا نزال نعيش ديناميكية الثورة علما أن لجان حماية الثورة لا تتشكل من عناصر «النهضة» بل تتشكل من قيادات شعبية متنوعة. فالقوى التي قادت الثورة والتي كانت في الميدان شكلت بطريقة تلقائية هذه اللجان للدفاع عن ثورتها وعن مكتسباتها ومن حقها الاستمرار في العمل طالما التزمت بالقانون مع استبعاد أي شكل من أشكال العنف. هذا هو المبدأ أو المعيار. ما نُتيحُه للآخر نُتيحه للجان حماية الثورة. المهم ألا يعود «التجمع»، ورموزه.. فلا يمكن بأية حال من الأحوال أن نسوي بين الأحزاب وبين رموز الفساد الذين اعتقلوا المواطنين وعذبوهم وجلدوهم ونهبوا الثروة العامة..
لا يمكن اليوم أن نعتبر هؤلاء وكأنهم لم يفعلوا شيئا، نحن بعيدون عن التشفي والانتقام، فنحن لا نقول إن مليوني تجمعي مجرمون.. لا.. نحن لسنا في معركة مع كل من انتسب إلى «التجمع». نحن على قناعة أن أغلب المنتمين إلى «التجمع» انتسبوا إليه لقضاء مصالحهم أو للتوقي من مخاطر انتقام رموز النظام السابق. ولكن، لا يمكن أن يكون من كانوا في مواقع المسؤولية الأولى والقرار بـ«التجمع»، أبطالا في مرحلتين، بحيث كانوا حراس المعبد في النظام السابق وحراسا للثورة اليوم. هؤلاء موقعهم الحقيقي الصفوف الخلفية ليتواروا إلى الوراء.. نحن لا نقبل أن يكونوا في المواقع الأولى في الحياة السياسية اليوم.

 ولكنهم لا يزالون يعملون صلب بعض الإدارات العمومية إلى اليوم؟

- هذا موضوع آخر، فلا يمكن أن تبنى دولة من فراغ. فالثورة الفرنسية مثلا التي جاءت بفكرة القطيعة التامة مع النظام السابق لها، فيها خيوط استمرارية. ليس هناك نظام سياسي أو اجتماعي أو إداري يُبنى من فراغ. بطبيعة الحال لدينا خيط الاستمرارية الذي يستلزم مقتضيات مرتبطة به. مشكلتنا الرئيسية مع رموز الفساد الذين كانوا يتحملون مسؤوليات صلب «التجمع» المحل وكانوا يبررون عمليات النهب والاعتقال والتعذيب واضطهاد التونسيين.. هؤلاء نحن في معركة معهم ولن نسمح لهم بالعودة.
المواعيد المقترحة ليست مقدسة

 خارطة الطريق التي اتفقت عليها حكومة الائتلاف وتضمّنت مواعيد محددة للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، لم تجد القبول لدى عدة أحزاب سياسية ولدى اتحاد الشغل، هل يمكن أن تذهب «الترويكا» إلى تغيير هذه المواعيد حتى يعمّ التوافق أغلب النسيج السياسي؟

- نحن نعتبر اتفاقنا وتوافقنا أمرا إيجابيا.. الأوساط السياسية بل ثمة بعض الأطراف التي أكدت أن حركة «النهضة» لا ترغب في تحديدموعد للانتخابات. ولكننا أثبتنا أننا أحرص الناس على اقتراح مواعيد مضبوطة للانتخابات ورفعا لكل التباس تم ذلك. كما اتفقنا على طبيعة النظام السياسي بعد تجاذبات واختلافات سياسية داخل «الترويكا» نفسها.

 في هذه النقطة بالذات، عرف مقترح «النهضة» تعديلا طفيفا جدا، فمن نظام برلماني إلى نظام برلماني أو رئاسي معدّل على الطريقة البرتغالية.. التي تعمل وفق نظام برلماني.. فما هو الفرق إذن؟

- لا فرق!!.. ستتم مناقشة طبيعة النظام المقترح للبلاد في رحاب المجلس الوطني التأسيسي. وبطبيعة الحال، النظام المزدوج سيكون فيه البعد البرلماني غالبا. ولكن يظل هذا الموضوع خاضعا لخبراء القانون الدستوري وأعضاء المجلس الوطني التأسيسي. لكن السياسيين حسموا أمرهم واختاروا النظام المزدوج. أما في أي اتجاه سيميل هذا النظام، نحو البرلماني أو الرئاسي، سيظل هذا خاضعا للنقاش داخل الملجس الوطني التأسيسي. وعموما لارغبة لحكومة «الترويكا» في «التعمير» في السلطة ولسنا خائفين من الانتخابات لأننا مطمئنون لما ستؤول إليه صناديق الاقتراع. ونحن كذلك متأكدون بأن ما يشاع من أن هناك حزبا يُعتبر منافسا شرسا لنا، ما هو إلا مجرد رغوة إعلامية وظاهرة صوتية لا أكثر ولا أقل. وسيتأكد التونسيون أن حزب «النهضة» وشريكيه في «الترويكا» ستكون في المقدمة وفي الطليعة.

 هل لدى «الترويكا» النية للاستجابة لدعوة أحزاب المعارضة واتحاد الشغل لتغيير مواعيد الاستحقاقات الانتخابية؟

- المواعيد ليست مقدسة وإذا كان لدى الإخوة في الأحزاب السياسية مقترحات بالتقديم أو التأجيل فيمكن النظر فيها و«الترويكا» قدمت مواعيد وبالإمكان مراجعتها لأنها غير نهائية. وليس بالغريب تغيير المواعيد الانتخابية ففي عهد رئيس الوزراء السابق، تم تأجيل الانتخابات مرتين. نحن لا نحبذ الدخول في سلسلة من التأجيلات ولكن إذا رأت المعارضة أن المواعيد المقدمة لا تناسبها، سيطرح الأمر من جديد للنقاش.

 ما هو رأيكم في ربط البعض لتوافق «الترويكا» حول خارطة الطريق قبل فترة وجيزة جدا من انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الذي نظمه اتحاد الشغل وذلك بهدف قتل مبادرة هذا الأخير قبل ولادتها؟

- نحن لسنا في معركة مع الاتحاد بل بالعكس نحن نقدّر عاليا الدور النضالي والتاريخي له. وأن توجد خيمة أو مظلة جامعة تحت راية الاتحاد، هو خطوة إيجابية، ولكن العبرة بالمضامين وليس بالأشكال. المهم أن مطالب الاتحاد والطبقة السياسية بتحديد موعد الانتخابات وتحديد النظام السياسي وبعث هيئة مستقلة للانتخابات وما أعلنت عنه «الترويكا» ينسجمان مع بعضهما.
لا خوف على تونس من تدخّل عربي

 لا ينتهي الحديث عن دور قطري غير واضح في تحديد بعض المعالم للسياسة الخارجية لتونس، هل من موقف واضح حول الدور الغامض؟

- ليس لدينا خوف من تدخل عربي في شؤوننا الداخلية، فنحن كدول عربية مصالحنا وأمننا وسيادتنا مترابطة. وإذا كانت هناك خشية فهي من القوى الأجنبية. وإحقاقا للحق علاقتنا بدولة قطر وطيدة ونقدر عاليا الدعم القطري للتجربة التونسية الوليدة. وأعتقد أن هذا هو الشعور لدى أغلبية التونسيين الذين يأملون في توفر الأموال القطرية واستثمارات تنموية تكون لها انعكاسات على حجم التشغيل.. ومعلوم أنه لا خشية من تدخلات قطرية لأنه لا توجد بوارج حربية أو طائرات قطرية تهدد السيادة الوطنية التونسية.

 إذن كيف تفسرون تباطؤ تنفيذ الوعود الاستثمارية القطرية ببلادنا؟

- هناك مشاريع ملموسة، وهناك دراسات فنية بصدد الإنجاز. وهي مشاريع تهم السكن الاجتماعي والصحة والسياحة والبيئة.

 كنتم أول وزير عربي يعلن رفضه لتواصل علاقات بلاده مع النظام السوري على خلفية المجازر الواقعة بها. أي حل تقترحونه لحقن الدماء هناك؟

- لسنا نادمين، نحن كثورة لا نملك إلا أن نساند إخوتنا في سوريا لأنها ظاهرة وحيدة.. الثورة في تونس أو في مصر أو في اليمن أو في سوريا، وهو بعد من أبعاد ترابط الأوضاع العربية. لكن الوضع السوري معقد بسبب النسيج الاجتماعي السوري وبسبب تداخل وتضارب الاستراتيجيات الدولية على أرض سوريا. ولكننا لا نزال عند مبادئنا في الوقوف إلى جانب الشعب السوري. ونحن كمجموعة عربية ندعم مهمة الأخضر الإبراهيمي بعد المأزق الذي وصلت إليه مهمة كوفي عنان ومشروع النقاط الستة. ولعل هدنة عيد الإضحى التي اقترحها الإبراهيمي مقدمة لحل جذري ولكن هناك شعور عام هنا في تونس وفي كل دول العالم بأن بشار الأسد لم يعد جزءا من الحل بل أصبح جزءا من المشكل في سوريا. نحن مع التغيير في سوريا مع الحرص على الحفاظ على استقرار الدولة وتجنب حالة الفوضى لا قدر الله، لأنه في حالة حصول فراغ في الدولة السورية، ستكون لها تأثيرات مدمّرة على بلدان المنطقة وعلى الدول العربية.
كلينتون أكّدت لي مواصلة دعمها لتونس

 هل يتوقف رد فعل أمريكا على حادثة السفارة على المطالبة بمحاسبة المعتدين؟ وهل يمكن أن تصل تونس إلى حد تفعيل قانون الإرهاب لمعاقبة هؤلاء إرضاء لأمريكا؟

- نحن اعتقلنا المعتدين على السفارة لأنهم تجاوزوا القانون وخرجوا عليه واستعملوا العنف لأن أمريكا طلبت ذلك. هذه مقتضيات مسؤولية الحكومة.. أن تتعقّب المعتدين وأعتبر هذا سحابة صيف. بلا شك، الحادثة مؤسفة ومؤلمة وتمس بصورة تونس في الصميم أهم رصيد للثورة التونسية كونها ثورة سلمية هادئة خالية من العنف ثم جاء حادث السفارة الأمريكية ليبث مشهدا سلبيا عن تونس.
ولكن نرجو أن يكون مثما قال السيد علي العريض وزير الداخلية عثرة.. مجرد عثرة أمنية. وأعلن هنا أن السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية جددت لي تمسك أمريكا بموقفها الداعم للانتقال الديمقراطي بتونس. وهو أمر إيجابي علما أن الموقف الأمريكي مبني على أمور إستراتيجية لا على اعتبارات ظرفية. فمهما كانت الصعوبات هناك مصلحة متبادلة لدعم الانتقال الديمقراطي في المنطقة.

 أكدتم سابقا تفاؤلكم بمستقبل تونس، هل مازلتم عند شعوركم هذا بالرغم من تصاعد الاحتجاجات وتتالي الإضرابات؟

- أنا متفائل بناء على قراءة تاريخ الثورات والتجارب القريبة والبعيدة. نحن في تونس تجاوزنا الصخرة الصماء وهو الكابوس الذي كان يجثم على صدورنا عشرات السنين.. نظام أرعن ومتسلط تخصلنا منه.. ما نعيشه اليوم هو ديناميكية وحركية الحياة.. ربما تعودنا كتونسيين لعقود على صمت القبور.
الآن في ظل الحرية السياسية طبيعي أن تطفو كل المشاكل على السطح، وهي مشاكل كبيرة تراكمت طيلة سنوات وهي متعددة ومتنوعة يضاف إلى ذلك ما أتاحته الثورة من سقف عال للتعبير عن الاحتجاجات والانتظارات.

 أكدتم في تصريح سابق أن حكومة «الترويكا» هي أقوى حكومة في تاريخ تونس..

- (مقاطعا) في تاريخ تونس منذ الاستقلال، هذا إذا فهمنا مفهوم القوة والضعف، وأنا أقصد بذلك الشرعية التي يُقاس بها مفهوم القوة والضعف. فهذه الحكومة مستندة إلى شرعية انتخابية وشرعية شعبية، ولذلك فهي قوية.

 على ذكر الشرعية، ما هو ردّكم على الذين يؤكدون انتهاءها يوم 23 أكتوبر؟

- من حقهم ذلك، الشرعية تستمد من صناديق الاقتراع، ومصدر الشرعية هو المجلس الوطني التأسيسي ولا شرعية تُعلى عليه، ومادام المجلس الوطني التأسيسي قائما فالشرعية قائمة ومستمرة.
نحن ضد العنف مهما كان مأتاه وهذه حقيقة علاقتنا بالسلفيين

 علاقة «النهضة» بالسلفيين يكتنفها الكثير من الغموض، برأيكم كيف تنظرون إلى هذه العلاقة؟

- السلفية ظاهرة معقدة ومركبة وهي تحتاج إلى معالجة مركبة ومعقدة من جنسها أيضا. والسلفية صنفان: صنف غالب وهو سلمي ولدى جماعته قراءة خاصة للنصوص الدينية وللواقع وهي قراءة نختلف معهم فيها ولكن طالما أنهم التزموا بمقتضيات القانون في أنماط حياتهم ولم يتجاوزوا ما هو مسموح به فنحن نحترمهم وهم مواطنون تونسيون يسري عليهم ما يسري على غيرهم. لكن مشكلتنا الرئيسية مع صنف من السلفية العنيفة التي تستخدم السلاح وتهدد الأمن العام وتتدخل في شؤون الآخرين. ومسؤوليتنا تجبرنا على متابعة هذه العناصر وعدم التساهل في أمور أمننا واستقرارنا.

 ما الذي تغيّر في شخصكم بعد الجلوس على كرسي الحكم؟

- ربما الوظيفة تغيرت، ولكن الحمد لله لم يتغير شيئا.. ربما الانتقال من المهجر إلى الداخل هذا بالتأكيد جعلني أكثر ارتباطا بالواقع المحلي التونسي بعد أن كنت منشغلا أيضا بالقضايا العربية والدولية والإقليمية. فمن كان ينظّر في الشأن السياسي أو يكتب في المسائل السياسية أضحى اليوم يمارس السياسة بشكل مباشر.
أما الثوابت والأسس التي التزمت بها منذ الأول فتظل ثابتة ومستمرة مع الحرص على التفاعل الإيجابي مع المتغيرات والمستجدات الحاصلة في الساحة التونسية. ويمكن القول إجمالا أنني انتقلت من مرحلة المعارضة إلى مرحلة ممارسة الحكم. فللمعارضة مقتضياتها وللحكم وللدولة شروطها ومقتضياتها أيضا.

 ولكن إقامتك بدولة قطر لا تُعتبر هجرة بأتم معنى الكلمة!؟

- أجل أجل، ففي هذا العصر المعولم المحفوف بالأنترنات، عشت تقريبا 14 سنة في بريطانيا وسنتين في قطر حيث لم أكن أشعر أني بعيد عن تونس خاصة مع وجود عالم الفضائيات والعالم الافتراضي. كنا نتابع ما يجري في تونس لحظة بلحظة. شخصيا، لم أكن بعيدا عن وطني، ربما كنت بعيدا عنه بجسدي ولكني قريب جدا جدا منه بروحي وبأفكاري. 

التونسية