الأحد، 21 أكتوبر 2012

العائلات المطرودة من ديار «السنيت» تستغيث:الحكومة خدعتنا !!!

بعد أسابيع قليلة عن ترحيلهم من ديار «السنيت» بنور جعفر وقيام السلطات العامة بإيواء البعض منهم في دور الشباب والمبيتات بالعاصمة، لازال الغموض والحيرة تحوم حول مآل العائلات التي اتهمت في السابق بالاستيلاء على منازل الشركة العقارية للبلاد التونسية.
إقامة «الهناء» بالحي الأولمبي المستغلة كمبيت جامعي، هي أحد مراكز الايواء التي انتقلت إليها 12 عائلة معوزة، إلا أنها فوجئت أمس بقرار المحكمة الابتدائية بالعاصمة  ينصّ على ضرورة مغادرة المبيت نظرا لانطلاق السنة الجامعية 2012 ـ 2013 وحاجة ديوان الخدمات الجامعية للشمال للبناية لاسكان الطلبة من الفتيات وذلك عملا بما تقدم به المقرّر من الجناب في حق وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لتجد تلك العائلات أنفسها من جديد في وضع «المتهمين المستولين على عقار حكومي في ظل غياب صفة لاستغلالهم للمبيت».
«التونسية» تنقلت الى المبيت الجامعي بالحي الأولمبي، أين التقت بأفراد العائلات واستمعت إلى شكاويهم.
بمجرد دخولنا إلى حديقة المبيت، اعترضت طريقنا أشكال متنوعة من الأثاث رميت يمنيا ويسارا، أسرّة وثلاجات وقاعات جلوس، هو أثاث العائلات التي منعت من ادخالها الى الداخل، فاكتفت بالتالي بأسرّة المبيت وبالقليل، إلا أنهم فوجئوا خلال الأيام القليلة الماضية بقرار يطالبهم بمغادرة الغرف التي سخرتها لهم السلطات المحلّية بعد أن وعدوهم بايجاد حل نهائي لمشاكلهم.

نريد عملا

لم تخف حياة استياءها من تطور الأحداث وبصفة سلبية، حيث قالت: «لقد وعدتنا السلطات المعنية بأن تجد لنا حلاّ جذريا لتوقف نزيف معاناتنا، لكننا وللمرة الثانية على التوالي نجد أنفسنا حفاة عراة، نلتحف السماء ومآلنا الشارع. وما زاد استغرابي حقا هو أنهم يتهموننا باقتحام المبيت دون صفة، في حين أن وزارة الداخلية هي من أحضرنا إلى هنا.
صراحة نحن نعيش كابوسا أبطاله الحكومة ومكوّناتها، وضحاياه أطفالنا ثم أضافت حياة: «زوجي معوق ولي ثلاثة أبناء، وكل ما أريده اليوم هو أن يوفروا لنا مواطن شغل تخول لنا شراء «الخبز» و«حفظ ماء الوجه»، فأنا أستاذة تربية مدنية، محالة على البطالة منذ أكثر من 10 سنوات وليس لنا مورد رزق، فهل يرضي هذه الحكومة التي انتخبناها أن ترمي بنا في الشارع دون مراعاة للجانب الاجتماعي؟
حال «حنان» لا يختلف كثيرا عن حال «حياة»، من ناحية البؤس، فهي مطلقة وأم لطفلين، أمراضها المزمنة منعتها من الخروج الى الشارع للبحث عن عمل وقالت في هذا الصدد: «الجميع كذب علينا وأسكننا في الأوهام، السلطات المحلية والحكومة والمنظمة  التي تشرف على أوضاعنا، ثلاثتهم استغلوا الظرف وكل على طريقته الخاصة. نحن لم نشف بعد من مخلفات طردنا بالقوة ومعاملتنا كالحثالة في ديار «السنيت» نور جعفر، ثم رفع «السنيت» لقضية علينا لترفع اليوم علينا قضية ثانية من طرف وزارة التعليم العالي. هم لم يقوموا بمساعدتنا بل كبّلونا وزادت همومنا وحسبنا اللّه!!

«نريد الستر لا غير»

عم «بلقاسم» شيخ الـ83 سنة اقترب منّا هو وزوجته فاطمة، هو معوق تجاعيد وجهه ونظرة عينية تخبران عن حقبات ألم ومعاناة. كما كان قليل الكلام واكتفى بالقول: «وين تهزوني نمشي» ثم تحدثت فاطمة زوجته قائلة: «ان سيناريو نور جعفر يتكرّر اليوم وجميع العوامل والمؤشرات ضدّنا منذ سنين. إن التفكير في شراء «الخبز» يؤرقنا. فكيف لنا بالتفكير في كراء منزل أو غيره؟ أما حان لهذه الحكومة أن تعيرنا نحن الذين غابت عنا الحيلة بعض الاهتمام وأن تنقذ هؤلاء الأطفال من الجهل والأميّة والأمراض المزمنة وخاصة معاناة بطونهم الخاوية؟ صراحة لقد غابت الرحمة عن السلطات المعنية ونحن لا نريد سوى الستر لا غير، فهل هذا كثير على الحكومة»؟

الأمراض أنهكتنا

أنواع المعاناة لا تحصى ولا تُعد وسط أفراد هذه العائلات ففي غرفة ليست بالبعيدة ينام عصام شاب في مقتبل العمر، أنهكه مرض «السل» ولم يجد حلولا للتصدي له، وتحدثت زوجته أحلام «باكية»: «مللت الفقر حتى أنني أصبحت أفكر في الهروب بعيدا أو الانتحار. كما ترون زوجي أنهكه المرض ولا أملك امكانيات لمعالجته ورضيعي «محمد» لم يتجاوز الـ7 أشهر وأنا عاجزة على توفير الحليب أو حفاظات أو لباس أو غيره. أقسم أنني عجزت وزادت حيرتي. هذه الحكومة أهملتنا ولم نجد الرحمة سوى في قلوب بائع المواد الغذائية والجيران في الحي، ساعدونا أرجوكم نحن من جديد في أزمة ولا نعرف مخرجا».

«نحب نعيش»

إن للفقر والخصاصة تأثيرا كبيرا ومباشرا على حياة الأطفال وخاصة التلاميذ فرغم ضعف الحيلة وابتسامة البراءة التي علت وجوههم إلا أننا لمسنا في حديثهم نوعا من الوعي والمسؤولية «حمزة» مثلا، طفل الـ11 سنة. تحدث إلينا برصانة وبنبرة حادة كلها مسؤولية قائلا: «أنا ميّت معنويا، لا نعيش حياة عادية كبقية العائلات: «حياتي  مهدّدة في كل لحظة لأنني أعاني من حساسية في الصدر وأستعمل «بخاخة» لأستطيع التنفس، أنا لست بخير وكل ما أتمناه هو أن يجدوا لنا حلاّ أو سيكون الموت أرحم لنا جميعا». 

 التونسية