الجمعة، 4 نوفمبر 2011

هكذا كانت تعطى شهادة دكتورا الدولة في عهد بن علي و الازهر بوعوني

يواصل الدكتورالعادل  خضرسرد وقائع الفضيحة العلمية  التي جدَت بكلية الآداب بمنوبة وهذه الفضيحة التي مسَت القطاع العلمي والمعرفي فانهامن المهازل التي لن تمحى .
...قد مكَنه اطلاعه الدقيق على ملفات المترشحة صحبة العضو المقرر الآخر من اكتشاف سرقات نعتاها بالسرقات الموصوفة. و هي تعدَ بعشرات الصفحات اخذت من مصادر مختلفة منها ما كان من نتاج الجامعة التونسية. و منها ما كان من نتاج الاشقاء العرب. نخصَ بالذكر اعمال الباحث المغربي المتخصص في المنطق وفلسفة اللغة طه عبد الرحمان،و قد نقلت من بعض كتبه اشياء كثيرة دون ان تحيل عليه ابدا. و بناء على ما اكتشف من السرقات قدَم المقررَان في شأن ملف المترشحَة تقريرين سلبيين،مما اقنع بقية اعضاء اللجنة بعدم الموافقة على انتداب الاستاذة الدكتورة في خطة استاذ محاضر.
لجنة على المقاس
كان بالامكان ان يتوقف المسلسل عند هذا الحدَ، لو انَ الاستاذة الدكتورة (منية الحمَامي) تعهَدت ملفَها العلمي بالتنقيح والاصلاح لتكون جديرة بالارتقاء في خطة استاذ محاضر،و لكن لا يفلح العقار في ما افسده الدَهر،فقد استفحل داء السرقة فيها،لانه ما ان فتحت وزارة التعليم العالي ابواب الترشح لخطة استاذ محاضر(2004ـ2005) في كلَ الاختصاصات حتَى تقدمت بنفس الملف تقريبا دون تنقيح او تصويب او تغيير يذكر،علما بان اللجنة قد حافظت على تركيبتها السَابقة باستثناء عضو واحد،هو احد المقررين السَابقين.و لكن لا نسبق الاحداث. فالحلقة الاخيرة من هذا المسلسل قد اخفت في طياتها الكثير من المفاجآت. تبدأ وقائع هذه الحلقة بتقدم المترشحة بشكوى لمعالي وزير التعليم العالي و البحث العلمي(الازهر بوعوني)  طعنت من خلالها في نزاهة احد المقررين ( الازهر الزناد) بناء على إعتبارات شخصية لا علمية. و الغريب في الامر انَ هذه الاعتبارات الشخصية  و المشاكل السَابقة لم تطف على سَطح الاحداث الاَ بعد ان كتب في شأنها تقريرا علميا سلبيا اظهر فيه مستواها الحقيقي و مستوى ملفها من النَاحية العلمية. و الاغرب من شكوى المترشحة ،التي  لا يدعمها برهان او دليل ،استجابة معالي وزير التعليم العالي و البحث العلمي لهذه الشكوى،فاقدم على ما لم يقدم عليه احد من الوزراء السَابقين،و ذلك حين حوَر من تركيبة اللجنة ( و تدوم صلاحيتها في العادة سنتين متتاليتين)، فعوَض الاستاذ المقرّر ( الازهر الزناد)،المطعون زورا في نزاهته،باستاذ آخر (و هو فرحات الدريسي)،بعيد كل البعد عن اختصاص المترشحة،و يعرف القاصي و الدَاني،و العام قبل الخاص،الظََروف التي ارتقى فيها الى خطة استاذ محاضر ثم الى استاذ تعليم عالي،علما بأنَ ارتقاءه الى هذه الخطة الاخيرة قد استغرق حوالي عشر سنوات،بعد تدخل سافر من جهات لا علاقة لها بالعلم و المعرفة ( تدخَل التجمع في ترقيته بواسطة عضو اللجنة التنفيذية عبد المجيد البدوي الذي ترأَس لجنة انتداب الاساتذة خصَيصا لترقية فرحات الدريسي). و لا فائدة في ان نذَكر قارئنا الكريم انَ هذا الاستاذ الفذَ فرحات الدريسي انشط الاساتذه و اخلصهم و اوفاهم للعمل النقابي،و من الذين اضطلعوا بالادوار الاولى في افشال الاضراب الاداري الذي قام به الاساتذة الجامعيون في اواخر 2005. فهل كان تعيينه في لجنة وطنية،و هو الذي لم يعيين قطَ في لجنة انتداب،مكافأه له على ما اسداه من خدمات جليلة ضدَ الجامعة و الجامعيين؟ ام انَ ما خفي كان اعظم؟!!!!

تزايد حجم السرقة
لنعد الى مسلسلنا بعد ان عرَفنا بعض التعريف باحد ابطاله الجدد. ففي اليوم الذَي وقفت فيه المترشحة امام لجنة الانتداب في صورتها الجديدة المحوَرة. جوبهت بطلة المسلسل الاستاذة الدكتورة بادلَة قاطعة تثبت بما لا يدعو للشك وجود كمَ هائل من السَرقات قد تجاوز نطاق الاطروحة ليشمل كذلك المقالات المضَمنة في ملفَها. و يبدو ان كمَ السرقات كان يتزايد بمرور الزمن اذ كلَما اعيدت قراءة هذا الملف اكتشفت صفحات جديدة مسروقة من مراجع اخرى لم يكن اعضاء اللجنة على علم بها.من ذلك انَ احد المقررَين قد قدَم تقريرا سلبيا في ملف المترشحة تضمَن من بين ما تضمَن 260 صفحة من الصفحات المسروقة امَا المقرَر الآخر (فرحات الدريسي) الذي عيينه الوزير عوض عن (الازهر الزناد) فقد قدَم في المقابل تقريرا إيجابيا لم يتجاوز حجمه الصَفحة و نصف الصفحة بخط اليد.
ينبغي ان نذكر ما وقع في ذلك اليوم المشهود. فقد ذكر شهود العيَان انَ المترشحة لمَا جوبهت بسرقاتها لم تحر جوابا و اكتفت بالصمت. و نتساءل اكان ذلك الصمت خجلا و حياء ام كان صمتا مخططا له مدبَرا من قبل؟ ذلك ان صمت المترشح و عدم اجابته على الاسئلة التي تطرح في شأن ملفه ينقص كثيرا من حضوض انتدابه و يعتبر دليلا على ضعف مستواه وعدم قدرته على الاقناع في خطَة علمية تطلب قدرة فائقة على المناقشة و الجدال و الحجاج و العلم و المعرفة. و لا شيئ من هذا برهنت عليه المترشحة.و رغم ذلك كوفئت مثلما كوفئت يوم ناقشت اطروحتها،اذ تم قبولها في خطة استاذة محاضرة. كنَا نودَ ان نذكر ما حصل لمَا اختلت اللجنة للتداول و التصويت.و لكن المجالس بالامانات. و لذلك نمتنع عن ذكر ما حصل لانه من المحزنات المخزيات المبكيات...
و المهمَ انَ التصويت قد اسفر عن قبول المترشحة بتصويت عضوين ضدَها هما رئيس اللجنة و صاحب التقريري السلبي،و ثلاثة اعضاء صوتوا لفائدتها منهم عضوان قد صوَتا لها في السَنة الماضية بعدم قبولها.فسبحان مبدَل الاحوال.ترى ما الذي حدث و الملف هو هو و لم يتغير حاله؟ الاَ انهما وجدا في العضو الجديد سندا لم يجداه في العضو المزاح؟ ام لان جهات غير علمية(جمعية بسمة مثلا التي تنتمي اليها المترشحة) اوعزت لهما بضرورة التصويت لفائدة المترشحة رغم يقينهما و اعترافهما بوجود السَرقات ؟ ام ان حجم السرقات في الدورة السَابقة لم يصل الى الدرجة التي تسمح بانتدابها في خطة استاذ محاضر،فلمَا بلغ الحدَ المطلوب انتدبت؟
بن علي يوافق على السَرقة
قد يريد القارئ الكريم ان يعلم ما حدث بعد ذلك؟ ارسل القصر الرئاسي من يحقق في الامر بعد ان نشرت الفضيحة العلمية على اعمدة الصحف التونسية و العربية. و كالعادة نسيت الجريمة و طوقت. و امضى الرئيس المخلوع على شهادة دكتورا دولة رغم علمه بحيثياتها،ثم بدأ البحث عن مرتكبي الفضيحة ( و منهم كاتب هذا المقال و اساتذة من النقابة الاساسية بكلية الاداب بمنَوبة) لا مرتكبي الجريمة العلمية التي مازالت الى اليوم تنتظر من يحاكمها و اعادة الاعتبار الرمزي لمصداقية شهائدنا العلمية.

تورط الازهر بوعوني(وزير التعليم العالي و البحث العلمي سابقا)
يمكن ان نطرح الاسئلة السَاخرة لان الفضيحة من المضحكات المبكيات، ولكن كل ذلك سيبعدنا عن النهاية السَعيدة.و هي نهاية لم يتوان معالي وزير التعليم العالي (الازهر بوعوني آنذاك) لحظة من المشاركة فيها لانه وافق على قرار انتداب المترشحة في خطَة استاذ محاضر رغم انه يوجد على مكتبه تقرير خطير فيه فضيحة علمية لا غبار عليها. يمكن ان نفسَرموافقته هذه برقَته و رأفته و حنانه المفرط على الجنس اللطيف، او ليثبت للجامعة و الجامعيين انه الفاتق الناطق،يفعل ما يحلو له دون اعتبار للقوانين و الاعراف و الاخلاق.ليس لنا ما نقول للردَ على قرار الوزير سوى مثل عربي قديم << اذا رأيت كبير القوم على الطبل ضارب،فلا تلومنَ الصغار على الرَقص>>
في هذا السياق ايضا،و بعد مرور خمس سنوات من الفضيحة العلمية، نذكَر بأنَ نفس الدكتورة منية الحمَامي و بعد مرور خمس سنوات من الفضيحة العلمية قد تقدَمت في السَنة الجامعية 2009ـ2010 للارتقاء في رتبة استاذ تعليم عالي بملف يضم عشرة مقالات اكتشف المقرَران الذين توليا قراءة ملفها انها مسرقة ايضا،علما بانَ هذا الملفَ قد تضمَن محاضرات قدَمتها المترشحة المناشدة في منابر التجمع،فمتى كان النَشاط الحزبي يودع في الملفات العلمية؟
ماذا بقي الآن ان نفعل لمواجهة الفساد العلمي الذي لا نعلم الى ايَ حدَ استشرى في جامعاتنا؟ متى ستفتح وزارة التعليم العالي و البحث العلمي هذا الملف و تصفيه؟
في انتظار ما يمكن ان يحدث في قابل الايام،ليس لنا من ردَ على الفضيحة و التزييف و التلاعب بالشهادات العلمية الوطنية سوى ان نتوجه للرأي العام،و الى سلطة الاشراف الممثلة في شخص وزير التعليم العالي و البحث العلمي ،بطلب رسمي نطالب فيه بتحقيق جدي لتقصي الحقائق،و معرفة كل من له يد في طبخ هذه الفضيحة و حبك خيوطها.

جريدة الوقائع العدد 6