الاثنين، 13 فبراير 2012

الظهور المخجل للأزهر العكرمي : "خطاب نوفمبري من أجل الإفلات من المساءلة"

الأزهر العكرمي الوزير  المعتمد لدى وزير داخلية  حكومة الباجي قائد السبسي أقر لنفسه حقا في تشويه و شتم الأشخاص تحت ما اعتبره حقا للرد معتمدا أساليب يترفع الشريف عن ذكرها لأنها تحط من قيمة ذاكرها علاوة على من مارسها و شنف بها أذان المستمعين.
جاء تعليقي يوم الجمعة 4 فيفري على أمواج إذاعة شمس أف أم  على موضوع إصلاح المنظومة الأمنية و كان ذكر الوزير السابق المكلف بالإصلاح عرضي حيث قدمت رؤية تقييم ادائه  في إصلاح المنظومة الأمنية  و لم أتناول شخصه "الكريم" ، بل لم يرد في الحديث أي مس بشخص السيد الأزهر العكرمي الذي اعترف بنفسه على نفس الإذاعة بان ما قلته لم يكن مسا من شخصه .
و في إطار ما أسماه العكرمي حقه في الرد قام بتوجيه هجمات شخصية و إتهامات لا أساس لها من الصحة تعبر فقط على نفسية مطلقها  متجاوزا بذلك الموضوع الأساسي وهو عجزه عن اصلاح الجهاز  الأمني أو حتى عن اقتراح إصلاحات تبقى مرجعا لمن بعده وذكرا له فالمرء حديث بعده و لكن أي حديث؟ . السيد العكرمي  تعامل مع تعليق ورد في سياق حرية التعبير التي هي  أساس كل ديمقراطية على أنه نقد غير متسامح و اعتبر تقييم عمل جهاز عمومي عملا غير مسموح به. و طبيعي ان يصدر مثل هذا الكلام عن "سيادة الوزير السابق" حيث تمظهرت حقيقته الجلية في معاداته لحرية التعبير  و انجلت بوضوح حقيقته الاستبدادية و حنينه لديكتاتورية رئيسه السابق و مماهاته مع  ممارسات أزلام النظام السابق.
و اعتقدنا كما اعتقد الشعب التونسي أن سياسة  التشهير بالمعارضين  و تشويه النشطاء الحقوقيين و مناضلي حقوق الإنسان عادة ستختفي باختفاء الدكتاتور لكن السيد العكرمي برهن على عكس ذلك  فخطابه ينطوي على نفس أسلوب التشويه و التشفي و الحقد ..أساليب كانت منهجية عمل متملقي النظام السابق و أزلامه ممن كانوا يتمعشون من "ماله الحرام" و" خيراته" ..ما  تفوه به "سيادة الوزير السابق" في إذاعة شمس اف ام و على مسمع  من المستمعين يعبر في الحقيقة عن تواصل نفس النهج و نفس الأسلوب  الذي اعتمده غير المأسوف على رحيله "للتصعيد  النفسي" حنينا لزمن مضى و شوقا لسياسة نسعى للقطع معها وخوفا من المساءلة و المحاسبة التي نتمسك بهما .
نفى عني "سيادة الوزير السابق" أي صفة لي في التدخل في ما يخص إصلاح المنظومة الأمنية متعللا بـ" اللاموضوعية " في تقييمي و بعدم وجود كتابات لي في الموضوع.  و لكن في المقابل يحق لنا أن نسال السيد الوزير السابق  ما هي الخبرة التي اكتسبها و ما هي عناوين الكتب التي خطها في هذا المجال  و ما هي اهليته حتى يكلف بهذا المشروع طبعا عدا أهلية  ارتباطه " بالمنظومة الأمنية الإعلامية" .
ومع ذلك أود أن أذكر "سيادة الوزير السابق "أن الإصلاح في ميدان الأمن يتطلب أساسا ضمان تفكيك الأجهزة القمعية الدكتاتورية و إعادة هيكلة وزارة الداخلية ،وحماية الأرشيف وضمان سبل الوصول و الإطلاع عليه، و الحرص على عدم افلات المورطين في القمع و التعذيب من العقوبة كأكبر رهان لفترة الانتقال الديمقراطي، إنشاء آليات وقاية والقيام بعملية إصلاح جذري يضمن تطهير كامل أجهزة الأمن من أكثر الأشخاص تورطا في الأعمال القمعية الوحشية في النظام السابق.و ليس الإصلاح فقط طمس الذاكرة  عبر اللقطات الفولكلورية لدهن جدران الداخلية.

  توثيق ألاف الحالات من التعذيب و السجن التعسفي و القمع  الذي قامت به منظمات غير حكومية و منظمات حقوق الانسان تؤهل هذه الأخيرة في أن تكون حاضرة في  النقاش حول الإصلاح وبغض النظر عن تشريكي في هذه المهمة (وهي مسألة عرضية) فإن المرحلة تقتضي في المقام الأول  تشريك هذه المنظمات غير الحكومية مؤسساتيا بما أنها رصدت الانتهاكات ،ووثقت التجاوزات ..

و لا يسعني إلا أن أذكر" سيادة الوزير السابق" بأن الجمعية التي أنتمي إليها "المجلس الوطني للحريات" كانت سباقة  ضمن  قلة قليلة من الجمعيات التي عملت على موضوع اصلاح الأمن إبان الثورة واذكّره أن المجلس الوطني للحريات نظم ورشات عمل و ندوات دعى فيها خبراء دوليين  في مجال الإصلاح الامني ساعدوا المجلس على صياغة رؤية حول إصلاح الأمن و الذين أجمعوا على أن شرط القيام بعملية الإصلاح لا تتم داخل الجدران المغلقة و إنما يجب أن تتم بالتعاون مع المجتمع المدني وهو شرط لم يستطع تحقيقه الوزير المتخرج بامتياز من مدرسة الدكتاتورية.
أساس الهجمة الشخصية التي شنها ضدي السيد العكرمي و التي يهدف من ورائها إلى مواصلة حملة التشويه التي بدأها ضدي  الرئيس السابق و مرتزقته ارتكزت على الادعاء أني كنت سأحصل على   "أموال " من وزير الداخلية  لحسابي الشخصي  وهو ما يكشف جهله المؤسف و المخجل بآليات عمل اللجنة الأروبية على رغم تقلده للوزارة و تعامله مع مؤسسات أوروبية إذ أن أساسيات هذه الآليات تقتضي أنه في جميع الأحوال لا يمكن  أن تحول ميزانية مخصصة لمؤسسة  إلى مؤسسة أخرى كما لا يمكن  إعادة تخصيصها لبند آخر من بنود الميزانية و إنما تعود أليا إلى خزينة الاتحاد الأوروبي و بذلك فإن الميزانية التي تحدث عنها السيد العكرمي لا يمكن أن يتم إعادة تخصيصها للمجتمع المدني إضافة إلى أنها ميزانية محددة بسقف زمني إن لم تصرف فيه تعود تلقائيا للخزينة الاروبية؟مع الإشارة إلى الميزانية التي تحدث عنها وزيرنا السابق تعود إلى سنة 2006.
أن السيد العكرمي يظهر قدرا كبيرا من التأسف على ما قام به الكثير من مدافعي و مناضلي حقوق الانسان الذين ركزوا جهودهم على إثناء  الاتحاد الاروبي من ضخ الأموال للنظام الديكتاتوري السابق و الذي كان سيوجهها لتقوية أجهزة القمع و أدواته، و أنا فخورة جدا بكوني من بين الذين بذلوا جهودا مضنية من اجل إقناع الأوروبيين بتحديد تعامله مع النظام السابق ومن اجل ذلك  "جازانا" النظام البائد و"أهدانا " الفصل الشهير و المخجل 61  مكررالذي أقره برلمان بن علي في جوان 2010 و المتعلق بالتخابر مع العدو.
لو أن السيد العكرمي كلف نفسه عناء الاستعلام من مؤسسات الاتحاد الاروبي لكان علم أنه لا أنا ولا الجمعيات التي أنتمي إليها قد إنتفعنا ولو بمليم واحد من الإتحاد الأروبي ولعلم أيظا أن الإتحاد الأروبي في فترة حكم بن علي  إمتنع عن تمويل الجمعيات و المنظمات غير الحكومية التي لا يعترف بها نظام بن علي.
السيد العكرمي و باعتباره عمل حسب بعض الوثائق المسربة "مرتزقا" عند النظام السابق  يظهر عاجزا عن استيعاب  وفهم  قيم مثل التطوع والجدية و التضحية التي تعتبر أساس العمل في المنظمات غير الحكومية  ولو كنت مكانه وهو مكان لا يحسد عليه بالمرة لامتنعت عن الحديث عن الفساد و المال خاصة  بعد أن نشرت لجنة التقصي حول الفساد و الرشوة وثائق تثبت تورطه مع نظام بن علي.
من غير المجدي أن نجيب على ما تبقى من التهم التي وجهها لنا السيد العكرمي خاصة  ذكره لخبر خاطئ  بث على راديو كلمة في اوت 2011  اعتذرت عنه إدارة الراديو  في حينه علنا و اتخذت في شأن المسؤولين عن نشره و بثه التدابير اللازمة.  واستشهاد السيد العكرمي بإيراد الخبر دون التعرض للاعتذار لا  يمكن أن يكون  إلا حجة على سوء النية" سيادة الوزير"
لم تعد اليوم الحال على ما سبق فإن كانت تحت النظام السابق  جرائم التشهير و التشويه تحفظ دون تتبعات و يفلت مرتكبوها من أي عقاب فعلى السيد العكرمي أن يعلم اليوم أنه عليه أن يثبت أمام العدالة صحة ما أدعى و عليه إثبات التهم التي وجهها لنا. و للقضاء الكلمة الفصل لإثبات الحقيقة.
سهام بن سدرين.