الجمعة، 25 نوفمبر 2011

تونس: فتيات يسقطن في أحابيل رجال متزوجين ويصبحن «أمهات عازبات»

الظاهرة دفعت التونسيات المثقفات للإقبال على كتاب ميريانا كريزمان «الصياد الزاني»

ورغم أن هذا الجدال قد سبق ثورة 14 يناير (كانون الثاني)، فإنه احتد بعد رفض إحدى عضوات حزب حركة النهضة الدكتورة سعاد عبد الرحيم، في المجلس التأسيسي (غير محجبة) في ندوة حول حقوق المرأة أقامتها إذاعة «مونتي كارلو»، وشاركت فيها عبر الهاتف، طلب منح الأمهات العازبات راتبا شهريا قدره 500 دينار تونسي، وتمكينهن من منازل راقية. حيث استغربت هذا الطلب في مجتمع محافظ وقالت «الحرية لا يمكن أن تكون في المطلق، الحرية مع احترام العادات، مع احترام القوانين السارية، مع احترام العرف الجاري، مع احترام العقائد».


وحول تكريم الأمهات العازبات قالت «لا نسقط برامج على الشعب التونسي»، ودعت لإصلاح الأمهات العازبات أخلاقيا، مستثنية من ذلك ضحايا الاغتصاب. وعبرت عن خجلها من دفاع بعض التونسيات عن العلاقة خارج إطار الزواج الذي يضمن الإطار القانوني لحقوق المرأة، وتابعت «لن نغير القانون الذي يجرم الخيانة الزوجية حسب القانون الجنائي الذي ينص أيضا على جريمتي الزنا والاغتصاب». بيد أن الأمر كما أكدت الباحثة الاجتماعية سامية الورتاني، لـ«الشرق الأوسط»، «لا يتوقف عند حالات معزولة، ولا ظاهرة موجودة ويكاد لا يخلو منها مجتمع، حيث تسقط بعض الفتيات أو النساء المطلقات أو حتى المتزوجات في علاقات مع رجال. وجود آيديولوجيا لا تبرر ذلك الصنيع فحسب، بل تطالب بتعميمه باسم (الحرية). سواء من خلال الإيهام بأن بكارة ثلاثة أرباع التونسيات اصطناعية، كما صرح بذلك المخرج التونسي المعروف النوري بوزيد، وكذبه الكثيرون، أو بالدعوة لمنح كل من تحمل سفاحا 500 دينار تونسي ومنزلا فاخرا، وهو ما رأى فيه الكثيرون دعوة صريحة لكل عاطلة عن العمل وراغبة في بحبوحة من العيش أن عليها الولادة خارج إطار الزواج لتحصل على راتب شهري مجز ومنزل يحلم كثير من الأزواج العاملين بالحصول عليه. وما في ذلك من دعوة للفجور في نظر كثير من التونسيين».

ومن خلال مسح ميداني تبين أن كثيرا من الرجال المتزوجين وراء المصائب الاجتماعية التي تحيق بالفتيات والنساء المطلقات وغيرهن، عندما يوهموهن بأن حياتهم متعلقة أو متوقفة على الارتباط بهن. ويكثر هؤلاء «الرجال» من الحديث عن حياتهم الزوجية التعيسة لاستدرار عطف الضحايا ومن ثم استدراجهن، من خلال الإيهام بأنه يريد أن يطلق زوجته ويتزوج الضحية التي تستفيق على الواقع المؤلم. فأغلب الضحايا «لم يكن يمارسن (المشاعية الجنسية)، وإنما سقطن بسبب مفاهيم مغلوطة عن الحب، وظنا منهن بأن الاتصال الجنسي ربما يقوي العلاقة التي ستؤدي للزواج، بينما تقول الدراسات إن 99 في المائة من الرجال لا يرتبطون بعقد زواج مع من يسلمن أنفسهن لهم قبل ذلك».

وكانت وكالة الأنباء السعودية قد ذكرت في وقت سابق أن محاولات الانتحار في تونس تبلغ 10 آلاف حالة سنويا، وتعتبر النساء المطلقات، والأمهات العازبات، الأكثر إقداما على الانتحار، إضافة لفاقدي السند (اللقطاء) ومدمني المخدرات.

وتتداول بعض الأوساط الثقافية في تونس، هذه الأيام كتاب «الصياد الزاني» لميريانا كريزمان، ويتحدث عن خبث الرجال المتزوجين الذين يوقعون بالفتيات والنساء المطلقات وغيرهن، وما يمثلونه من خطر على الحياة الاجتماعية في العالم من خلال ترك الضحية تعاني تبعات العلاقة خارج إطار القانون، حيث لا تتمتع المرأة بأي حقوق مقارنة بمن تملك عقد زواج. وتحذر كريزمان من الزملاء في الوظيفة، والدراسة، والجيران، وأماكن التسوق، والمقاهي، والمطاعم، وصالات السينما، والمسرح، وملاعب الكرة، ووسائل النقل. وتصف كريزمان، الفتيات وحتى الكثير من النساء بالسذاجة، في تعاطيهن مع الرجال وعدم وجود خطوط حمراء أثناء الحديث. فكثير من النساء وفق كريزمان لا يعلمن أن الكثير من محدثيهم من الرجال يبحثون عن المتعة وليس الزواج. ويدغدغون مشاعر الفتاة حول الحب والعائلة والسعادة في الحياة، وأن على المرأة إدراك أنها تتحدث مع رجل متزوج مهما عبر عن سخطه على زوجته. وتنصح بطلب أوراق الطلاق، وأن تتريث حتى تتم جميع الإجراءات، ولا تبني على أنها ستنتهي في آخر المطاف.. «لا تضيعوا وقتكن مع الرجال المتزوجين مهما كان مستوى الكيمياء التي تربطكم بهم، فهم حقول ألغام لا يمكن الخروج منها دون إصابات.. لا بد من تنظيف الفوضى من حياتهم أولا». وتحذر الكاتبة من «الرجل كثير الكلام».

وقال الباحث رضا بن عيسى «لقد أدت سياسة تجفيف الينابيع إلى نتائج كارثية حيث ارتفاع نسبة الطلاق وتحتل تونس المرتبة الرابعة دوليا وليس عربيا أو إسلاميا فحسب، وذلك بمعدل 11000 حالة طلاق يبت فيها بالتفريق سنويا من جملة 16000 حالة طلاق معروضة. كما سجل ارتفاع نسبة العزوف عن الزواج، ولأول مرة قفز ذلك المعدل إلى ما فوق الثلاثين عند الذكور والإناث على حد سواء. وبروز ظاهرة الأمهات العازبات والاعتراف بها رسميا. وتونس هي الدولة العربية والإسلامية الوحيدة في هذه الفضيحة، وذلك بمعدل 1100 أم عازبة في كل عام، 60 في المائة من الأمهات العازبات تحت سن العشرين وأكثرهن تلميذات أو طالبات، أي بمعدل 3 حالات زنا، مع مطلع كل فجر جديد يثمر مولودا حراما خارج دائرة عش الزوجية».

كما أدت سياسات النظام السابق الاجتماعية إلى شيخوخة المجتمع التونسي، حيث إن هناك فرقا شاسعا بينها وبين أقرب دولة عربية إلى تونس من حيث طبيعة نظامها (سوريا) ليدرك المرء الفارق. مع الإشارة إلى أن عدد السكان في البلدين كان قبل سنوات متقاربا، أما في تونس فإن نسبة الشيخوخة التي تهدد المجتمع حقا تتقدم نحو نسبة 10 في المائة. كما زاد معدل الانتحار أو محاولة الانتحار في تونس، وهي النسبة الأعلى عربيا وإسلاميا بنسبة 1 في الألف سنويا، أي إن 10000 تونسي يحاولون الانتحار سنويا يسعف بعضهم ويموت البعض الآخر. وهو ما أكدته دراسة اشترك فيها ثلاثة أطباء نفسانيين تونسيين، هم الدكتور أنور جراية، والدكتور جودة بن عبيد، والدكتور وسيم السلامي. وساهمت سياسة تحديد النسل ووأد الإنسان في تهديد النمو الديموغرافي.. فقد «تدنت نسبة خصوبة المرأة التونسية إلى ما تحت النسب الأوروبية، أي 1 في المائة ونحو ثلاثة أعشار، وهو ما يهدد المجتمع التونسي».

الشرق الاوسط