الأربعاء، 17 أغسطس 2011

مطالب بإطلاق ضابط معتقل بتونس

تعالت الأصوات في تونس مع عودة الاحتجاجات لإطلاق سراح ضابط الشرطة سمير الفرياني، الذي يقبع في السجن رهن الاعتقال العسكري منذ حوالي شهرين ونصف الشهر.


وسجن سمير الفرياني بعد نشره مقالات صحفية، اتّهم فيها مسؤولين أمنيين بقتل متظاهرين وإتلاف ملفات "حساسة" من أرشيف وزارة الداخلية تتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية، وقال إنها تكشف علاقة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بالاستخبارات الإسرائيلية (الموساد).

واعتقل الفرياني نهاية شهر مايو/أيار الماضي في ظروف غامضة بعد شكوى رفعها ضدّه وزير الداخلية الحبيب الصيد، أحد كوادر الأمن في النظام السابق، بدعوى أنه أفشى أسرار وزارة الداخلية ونشر معلومات من شأنها "زعزعة الأمن الداخلي والخارجي".

وتمّ توجيهه إلى محكمة عسكرية بدلا من محكمة مدنية بسبب مهنته ضابط شرطة وبسبب طبيعة التهم الموجهة إليه كـ"الاعتداء على أمن الدولة الداخلي والخارجي، ونشر أخبار زائفة من شأنها تعكير صفو النظام العام".

واستند القضاء العسكري إلى فصل من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية الذي يخوّل للمحاكم العسكرية النظر في قضايا يكون فيها أحد أعوان الأمن طرفا في قضية تمسّ بالأمن الداخلي أو الخارجي.

قضاء استثنائي
ويخشى المحامي سمير بن عمر على حرية موكله سمير الفرياني، معتبرا أن القضاء العسكري "قضاء استثنائي لا يتوفر على ضمانات قانونية كافية وفق المعايير الدولية".

ورغم إصلاح منظومة القضاء العسكري بإضافة طور الاستئناف في مراحل التقاضي، فإنّ بن عمر لا يأمل الكثير من هذه الخطوة. ويقول "هذا الإصلاح لا يغير شيئا من طبيعة القضاء العسكري".

ويضيف "القضاة العسكريون هم موظفون يخضعون لسلطة رؤسائهم، وهذا من شأنه أن ينسف أبسط شروط الحياد في القضاء العسكري".

من جهة أخرى، عاب بن عمر استمرار اعتقال الفرياني على ذمّة التحقيق منذ أكثر من شهرين، قائلا "هذا برهان على بطء سير العدالة الانتقالية بتونس".

وتظاهر آلاف التونسيين الاثنين الماضي للمطالبة بتطهير القضاء والتسريع بمحاكمة المسؤولين السابقين وإطلاق سراح الموقوفين "الأبرياء"، مستنكرين مقابل ذلك إفلات بعض رموز النظام السابق من العقاب.

ويقول بن عمر "العدالة تقتضي التحقيق مع الفرياني بحالة سراح وتقتضي أيضا فتح تحقيق محايد للكشف عن صحة الاتهامات التي وجهها الفرياني لبعض المسؤولين الأمنيين".

ويضيف "لقد وجه الفرياني اتهامات خطيرة إلى بعض المسؤولين وكان على وزارة الداخلية أن تساءل الأشخاص حول الاتهامات الموجهة إليهم لا أن تزج به في السجن لإسكاته".

وأفاد بن عمر أن موكله سمير الفرياني اتّهم مسؤولا يدعى ياسين التايب بقتل متظاهرين قبل الثورة في محافظتي القصرين وسيدي بوزيد، مستغربا من ترقية هذا المسؤول بعد ذلك ليصبح مسؤولا عن أجهزة المخابرات في تونس، وفق قوله.


من جانبها، تخشى زوجة سمير الفرياني، التي تعلو وجهها علامات الحيرة والخوف، على مصيره من قضاء بدأت تفقد ثقتها فيه بسبب "المماطلة" في محاسبة رموز النظام السابق، وفق قولها.

وتقول ليلى الفرياني للجزيرة نت "هناك تعطيل واضح في القضية.. التحقيق ما زال مستمرا رغم طول مدّة الإيقاف.. لقد تمّ الاستماع إلى شهادة زوجي مرتين ولم يقع توجيه تهم إليه من قاضي التحقيق العسكري، وبالتالي لم يقع تعيين جلسة لمحاكمته بعد".

وطالبت ليلى الفرياني بالإفراج عن زوجها بسبب "مجهوداته" في "كشف الحقائق"، قائلة "كان على وزارة الداخلية أن تفتح بحثا للتثبت في صحة أقواله، لا أن تزج به في السجن لتكميم صوته".

وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش دعت إلى إسقاط جميع الدعاوى ضدّ سمير الفرياني، مشيرة إلى أن السلطات التونسية من خلال هذا الاعتقال "ستثبط" من عزم مبلغين محتملين آخرين عن الانتهاكات الأمنية.
خميس بن بريك-تونس