الأحد، 15 يناير 2012

التفاصيل الكاملة عن الشبكة الدولية لتهريب الأسلحة بين أوروبا وتونس

إيقاف 30 شخصا بينهم عون ديوانة وموظفون و"الأنتربول" على الخط - تهريب 200 بندقية وكمية كبيرة من الذخيرة داخل مضخمات صوت وآلات غسيل - سددت خلال الأسبوع الجاري مصالح الحرس الوطني وتحديدا على مستوى الإدارة الفرعية لمكافحة الإرهاب ضربة موجعة لعصابات تهريب وترويج الأسلحة النارية من خلال الإطاحة بشبكة دولية خطيرة لتهريب بنادق الصيد والذخيرة الحية
تنشط بين فرنسا وتونس، والقبض على عدد من المشتبه بهم بينهم موظفون من الوزن الثقيل وحجز كمية كبيرة من البنادق والذخيرة فيما تتواصل التحريات على قدم وساق إلى حد كتابة هذه الأسطر لكشف نشاط هذا الشبكة وتعقب المشتبه بهم في عدة ولايات داخل الجمهورية وقد يحجز الأعوان ما لا يقل عن 200 بندقية صيد يرجح أنه تم تهريبها من أوروبا إلى تونس عبر ميناء حلق الوادي بتواطؤ -مبدئيا- من أحد أعوان الديوانة التونسية في نهاية الأبحاث.
"الصباح" تحصلت حصريا على معلومات دقيقة عن نشاط هذه الشبكة وكيفية تهريبها للأسلحة النارية إلى بلادنا ومسالك التوزيع من خلال مصادر أمنية رفيعة المستوى.
الخيط الأول
كشفت المعطيات التي تحصلنا عليها أن أعوان منطقة الحرس الوطني بسليانة كانوا يوم 9 جانفي الجاري بصدد القيام بدورية روتينية لمراقبة مرجع نظرهم، عندما لمحوا سيارة مكتراة فأشاروا على سائقها بالتوقف وعند التثبت في وثائقه وأوراق السيارة استراب الأعوان في أمر السائق ومرافقه بسبب ارتباكهما فقاموا بتفتيش السيارة ليعثروا على أربع بنادق صيد.
طريقة شيطانية للتهريب
أوقف الأعوان المظنون فيهما واقتادوهما رفقة المحجوز والسيارة إلى المقر الأمني، وباستشارة النيابة العمومية ونظرا لترامي أطراف القضية وتداخلها و"ثقلها" وارتباطها بالأمن العام للبلاد أذنت للإدارة الفرعية لمكافحة الإرهاب للحرس الوطني بالعوينة بمواصلة التحريات ليكشف أعوانها بعد مجهودات كبيرة وتحقيقات ماراطونية النقاب عن شبكة دولية مختصة في تهريب الأسلحة النارية تعمل بالتنسيق مع أربع شبكات محلية مهمتها ترويج هذه الأسلحة بين الراغبين في الحصول على بندقية صيد دون رخصة.
الأبحاث كشفت أن المتهم الرئيسي وهو مهاجر تولى تقسيم الأدوار بحرفية كبيرة إذ أنه كان ينسق كل عمليات تهريب "البضاعة" لمدة طويلة تتراوح ما بين 8 و9 أشهر مع عدد من مساعديه بينهم شقيقان وعون ديوانة (الأبحاث قد تكشف عن تورط أعوان آخرين في القضية) بميناء حلق الوادي ثم يقوم هو أو بعض معاونيه بتسليم الأسلحة لـ"زعماء" أربع شبكات محلية مهمتها الوحيدة ترويج هذه البنادق وذخيرتها بين هواة الصيد البري.
وإلى جانب التوزيع المحكم للأدوار عمد المتهم الرئيسي إلى ابتكار حيلة شيطانية لإخفاء بنادق الصيد والذخيرة أثناء السفر من ميناء مرسيليا الفرنسي وأحيانا من ميناء جنوة الإيطالي نحو ميناء حلق الوادي، إذ يقوم بتفكيك البنادق المزمع تهريبها نحو تونس وإخفائها في مضخمات الصوت او آلات الغسيل وتغطيتها بالأليمينيوم.
200 بندقية هربت
بعد نجاح عملية التهريب ومرور السيارة "الحبلى" بالبنادق من ميناء حلق الوادي بسلام بفضل "الخدمات" التي يقدمها عون الديوانة مقابل عمولة ستكشفها الأبحاث المتواصلة يتم توزيع البضاعة على الشبكات المحلية الأربع المتركزة خاصة بإقليم تونس وولايات القصرين والقيروان وولايات بالساحل والجنوب والتي تعمل على ترويج البندقية الواحدة (من عيار 12 أو 16) بمبلغ مالي يتراوح بين 2500 دينار و3 آلاف دينار إضافة إلى ترويج الذخيرة (الرش) وهو ما مكن هذه الشبكة من غنم مئات الملايين خلال هذه الفترة الزمنية الوجيزة وتقسيمها بين أفرادها كل حسب الدور الذي قام به.
إيقافات بالجملة
الأبحاث المكثفة لرجال الإدارة الفرعية لمكافحة الإرهاب توصلت إلى غاية مساء أمس السبت إلى القبض على حوالي 30 فردا من أبرز المنتمين لهذه الشبكة بينهم عون ديوانة وثلاثة أشقاء ومعلم وموظفون من عدّة أسلاك، ويرجح أن يرتفع عدد الموقوفين بعد تقدم التحريات التي من المنتظر أن تشمل كل من اقتنى بندقية صيد دون رخصة من أحد أفراد هذه الشبكة كما تمكن المحققون من حجز حوالي 50 بندقية صيد عيار 16 وعيار 12 إلى حد كتابة هذه الأسطر بعد حجز 24 بندقية في ساعة متأخرة من مساء أمس على أن يرتفع العدد ليبلغ حسب بعض المعطيات نحو المائتي بندقية يستعملها أصحابها في الصيد البري دون رخصة كانوا اقتنوها من أفراد هذه الشبكة.
"الأنتربول" على الخط
وقالت مصادرنا أن "زعيم" هذه الشبكة المقيم بفرنسا صدرت في شأنه بطاقة تفتيش دولية وأصبح بالتالي مفتشا عنه من طرف البوليس الدولي "الأنتربول" لتسليمه للسلطات التونسية.
إلى ذلك تتواصل التحريات على قدم وساق لكشف كل الحقائق حول نشاط هذه الشبكة التي تعتبر الأخطر والأكبر والتي يتم الإطاحة بها من قبل مصالح الحرس الوطني ببلادنا وهو ما يؤكد أن الأمن التونسي دائما بالمرصاد لمثل هذه العصابات التي لا تبغي سوى الربح المادي السريع دون تفكير في مصلحة الوطن.