الاثنين، 11 يونيو 2012

تأثراً بالنموذجين العراقي والليبي وخوفاً من تكرار السيناريو المصري دعوات تونسية لتجريم تمجيد نظام بن علي

تتزايد الدعوات السياسية في المشهد السياسي التونسي إلى تجريم تمجيد نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، في إشارة جديدة إلى دخول الساحة السياسية التونسية منعطفاً جديداً في التعامل بين أطياف المجتمع السياسي وبين التيارات الفكرية والأيديولوجية والحزبية اقتداء بالنموذجين العراقي والليبي من جهة وخوفاً من تكرار سيناريو مصر مع وصول آخر رئيس وزراء في عهد النظام السابق أحمد شفيق إلى جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية.
وانطلقت هذه الدعوات من داخل رئاسة الجمهورية إذ جاءت على لسان الناطق باسمها عدنان منصر في تصريحات إذاعية بقوله: «أرى أنّه يجب وضع قوانين خاصّة تتلاءم مع طبيعة المرحلة التي تمّر بها البلاد، والتي من بينها تجريم عملية تمجيد النظام المخلوع».
وأضاف منصّر: «كمواطن تونسي أدعو إلى تجريم تمجيد العهد السابق لأنّ هذه العملية فيها استهزاء بالتونسيين الذين تعذّبوا في سجون بن علي وماتوا تحت التعذيب، وإهانة لأمّهات الشهداء»، مؤكداً أنّ «عمليات رفع صور بن علي التي لا تزال تُرفع في بعض الأحيان أمر مرفوض يجب سنّ قانون يُجرّمه».
وفي حين دعا منصر إلى سن تشريع يجرم تمجيد بن علي، دعا رئيس حزب حركة النهضة راشد الغنوشي إلى تجريم تمجيد النظام السابق في إشارة جديدة الى دخول الساحة منعطفا جديدا في التعامل بين اطياف المجتمع السياسي وبين التيارات الفكرية والايديولوجية والحزبية.. في وقت وصف وزير الاصلاح الاداري في تصريحات صحافية محمد عبّو حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقا بأنه أسوأ من حزب البعث العراقي، وأن البعثيين في العراق حافظوا على وفائهم وولائهم لحزبهم وقائدهم الراحل صدام حسين في حين تخلى التجمعيون عن بن علي وهو ما يعني أن حزبهم غير عقائدي وهو عبارة عن تنظيم لجماعات انتهازية لا تخدم إلا مصالحها حسب تعبيره.
وتتزامن هذه التصريحات مع ارتفاع وتيرة المقارنات بين تونس ما قبل الثورة وما بعدها، حيث ارتفعت معدلات الفقر والبطالة والتضخم والأسعار، واستمرت مظاهر الفساد المالي والإداري ، وتراجع مستوى الأمن والاستقرار ، وانتشرت الجماعات السلفية الجهادية بشكل غير مسبوق ، ما جعل 41 في المئة من التونسيين يشيرون في سبر للآراء إلى «حنين» إلى عهد بن علي ، كما اصبح التعبير عن هذا الحنين جزءا من حالة التعبير اليومي في الشارع والأسواق والإدارات التونسية ،إذ قام بعض الشباب برفع صور الرئيس المخلوع في حركة احتجاجية بضاحية المرسى الراقية.
ويعتقد المراقبون أن اتساع ظاهرة المقارنة بين ما كانت عليه تونس قبل الثورة وما آلت إليه بعدها هو الذي دفع ببعض المسؤولين إلى الدعوة علنا إلى تجريم أي تمجيد للنظام المخلوع.
وساهمت حالة الاستقطاب الأيديولوجي والتشنج السياسي والانفلات الأمني في اذكاء حالة المقارنة، في هذا الإطار ذكرت المجموعة الدولية للأزمات في تقرير لها صدر الأربعاء الماضي أن «الفساد لا يزال منتشراً ويثير قدرا كبيرا من الاستياء والسخط في صفوف التونسيين».
النموذج الليبي
ووسط هذه الأجواء، علمت «البيان» أن أطرافا سياسية تونسية، ومن بينها قياديون في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، تسعى إلى طرح مشروع قرار على المجلس الوطني التأسيسي يجرّم تمجيد النظام السابق أو المقارنة بينه وبين النظام الحالي أو الإساءة إلى الثورة ورموز الحكم الجديد، إلا أن امكانية تمرير هذا القانون تبقى ضئيلة لعدة أسباب منها أن نظام بن علي ورغم سلبياته ،لا يمكن وصفه بالنازية أو الفاشية ، ولم يحاكم دوليا ، ولم تنسب إليه جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية ،كما أنه لم يكن ذا فكر عقائدي يمثل خطرا على السلم الاجتماعي.
وتأتي الدعوة لتجريم تمجيد نظام بن علي متأثرة بالنموذج الليبي حيث صدر القانون رقم 37 عن المجلس الوطني الانتقالي وهو قانون يجرم تمجيد العقيد الراحل معمر القذافي أو أي من أنصاره ، إلا أن محامين ليبيين وجمعيات لحقوق الإنسان تقدمت الأسبوع الماضي بطعن في القانون إلى المحكمة العليا التي قبلت النظر في الطعن.
خوف من سيناريو مصر
ومع تزايد المخاوف من إصدار قانون يجرم تمجيد النظام المخلوع يبدو أن المسؤولين الجدد في تونس يخافون من أن يجد السيناريو المصري الحالي طريقه إلى البلاد حيث إن وصول الفريق أحمد شفيق إلى الدور النهائي من الانتخابات الرئاسية أكد أن الملايين من أبناء الشعب المصري صوّتوا لأحد رموز العهد السابق من باب الدفاع عن مقومات الدولة المدنية وعن السلم الاجتماعي وهيبة الدولة ، وهي مطالب يطمح إليها التونسيون الذين يخشون من اتساع دائرة المد السلفي وتكريس الدولة الدينية واستمرار الانفلات الأمني واستبعاد المصالحة الوطنية وإقصاء الملايين من التونسيين الذين كانوا عاملين في الدولة تحت حكم بن علي.
سرقة حذاء الوزير
سُرق حذاء وزير الشؤون الدينية في الحكومة التونسية المؤقتة نورالدين الخادمي أثناء زيارته لجامع الغزالة في ضواحي تونس العاصمة.
وذكرت صحيفة المغرب التونسية أمس أن سرقة حذاء الوزير تمت بعد أن تعرض الوزير للإهانة والطرد من قبل مجموعة تنتمي إلى التيار السلفي وإنما عمدت أيضا إلى منعه من إلقاء درس ديني بالجامع، كما «سرقت أيضا حذاءه، ولولا تعاطف البعض وتطوعهم لشراء حذاء جديد للوزير لوجد نفسه مضطرا لمغادرة الجامع حافي القدمين».
واعترف الوزير التونسي بسرقة حذائه، ونقلت عنه الصحيفة التونسية قوله «هذه أمور تحدث وهي عادية».