الخميس، 13 أكتوبر 2011

تونس.."النهضة" يرشح امرأة متبرجة لـ"تغيير الصورة"

ترشيح حزب "النهضة" الإسلامي في تونس امرأة صغيرة السن متبرجة على رأس قوائمه الانتخابية خطوة اعتبرها محللون تونسيون عملية تجميلية للتيار الإسلامي وإظهاره بشكل متطور، فيما اعتبر سياسيون داخل الحزب أن هذا جزء أصيل من تفكير "النهضة"، ويبقى السؤال "هل يبدد فعلا ترشيح امرأة غير محجبة مخاوف التونسيين من سيطرة التيار الإسلامي على البرلمان القادم وتقويض العلمانية التونسية؟".

ويمهد حزب "النهضة الإسلامي"، أكبر المرشحين للفوز بالانتخابات الأولية، الطريق لتبديد المخاوف من أن تؤدي هيمنة التيار الإسلامي على المقاعد البرلمانية إلى تقويض العلمانية التونسية، بترشيح امرأة متبرجة، بحسب ما نشر موقع "دويتشه فيله" الخميس 12-10-2011.

وعقد حزب "النهضة" ندوة، الثلاثاء، في قصر المؤتمرات في تونس لتعريف الناخبين ببرنامجه الانتخابي، وتدفق المئات من النساء والرجال إلى داخل غرفة المؤتمر، التي اصطفت فيها الكراسي الذهبية جنبا إلى جنب.

واستقبل الحاضرون حديث راشد الغنوشي رئيس حزب "النهضة" عن المرأة بتصفيق حاد، حيث تحدث قائلا: "إننا لا نفرق بين الجنسين، بل على النقيض من ذلك، إننا نشدد على حقوق المرأة في مجالات التعليم وفي الحياة العامة، وبالطبع على المساواة".

على المنصة اتخذت امرأة غير محجبة مكانها وسط الرجال، هذه المرأة هي سعاد عبد الرحيم، وبينما كان الكثيرون ينظرون إليها نظرات فضولية تتساءل عن هوية هذه المرأة ذات السروال الأسود الضيق والشعر المتدلي على الكتفين، كانت سعاد ترسم الابتسامات وتصفق لزملائها بعد خطبتهم.

سعاد عبد الرحيم هي إحدى أكبر الشخصيات المرشحة على قوائم الحزب في الانتخابات في نهاية شهر أكتوبر القادم. وهي صيدلانية تدير صيدلية كبيرة لتجارة الجملة.

المرشحة لم تتناول أطراف الحديث على المنصة طوال الندوة، لكنها قدمت نفسها للجمهور، وأوضحت أسباب انضمامها للحزب الإسلامي، والتي تكمن في منحه المرأة المكافحة الفرصة للمشاركة في العمل السياسي، بحسب الموقع الألماني.

وقالت سعاد إنها كافحت في مجال العمل السياسي كنقابية في السنوات المبكرة من حياتها، كما أكدت على أن الحزب مفتوح لجميع النساء التونسيات: "إنني أومن بصدق النهضة، وإلا لما وضعوا امرأة مثلي على رأس قائمتهم الانتخابية".

"موافقتي على الانضمام لحزب النهضة تنبع من قناعتي ببرنامجهم.. شجعني حرصهم على الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية".

وتحتدم أجواء المنافسة على 217 مقعدًا في البرلمان التونسي عن طريق صناديق الاقتراع في حوالي 27 دائرة انتخابية داخل البلاد و6 خارجها، وفي ظل هذه الأجواء التنافسية بدأت سعاد حملتها في مركز قيادة الحزب في ضاحية مونبليزير بتونس، كما تؤكد استطلاعات الرأي أن حزب النهضة قد يحصد من 20 إلى 30% من أصوات الناخبين لتسحق بذلك كل الأحزاب العلمانية التونسية.

"صور غير حقيقية"

وأثارت سرعة افتتاح وتجهيز مقرات الحزب في وقت قصير شكوك البعض في وقوف الأموال الخليجية وراء الحزب، وذلك بهدف تقويض العلمانية التونسية، وخلق أسس لأنظمة إسلامية متشددة، وهو ما تنفيه سعاد.

وأوضحت أن المخاوف من تحويل تونس إلى دولة إسلامية على غرار إيران وأفغانستان تنبع من سياسة النظام السابق، الذي حاول رسم صورة غير حقيقية عن التيارات الإسلامية، مشيرة إلى أن "حزب النهضة هو حزب معتدل والنظام السابق هو الذي أجج هذه التخوفات ونقل صورة غير حقيقية عن التيارات الإسلامية".

"ولادة جديدة"

وبدأت سعاد عبد الرحيم قصة رحلة كفاحها السياسي، وهي طالبة جامعية بانضمامها لإحدى الاتحادات الطلابية الإسلامية.. وتقول إن عملها السياسي كان سببًا في أن يصب نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي جام غضبه عليها ومعاقبتها بالطرد من الجامعة، بعدما تم إلقاء القبض عليها لكنها استطاعت إكمال دراستها الجامعية في وقت لاحق.

وترى الناشطة السياسية أن الثورة التونسية هي بمثابة ولادة تونس من جديد، وأن حزب "النهضة"، كما يفصح اسمه، يعد ولادة هذه النهضة.

وبدأت سعاد بمزاولة العمل السياسي في شهر مارس مباشرة بعد حصول الحزب على تصريح لمزاولة نشاطه في الأول من مارس 2011.

وتؤكد سعاد أنها ترى أن الحركات الإسلامية قادرة على تمثيل مصالحها: "أحترم تقاليد المجتمع التونسي وألتزم بها، ونريد في حزب النهضة الحفاظ على هذه التقاليد العربية الإسلامية".

وحول ما إذا كان هناك مكان للديمقراطية ترد سعاد عبد الرحيم بصوت عال وفي سرعة: "هناك تعددية في الإسلام ولا يمكن الادعاء بأنه لا توجد ديمقراطية في الدول الإسلامية.. سنكون أول دولة في المنطقة تبرهن على إمكانية هذا الأمر".

"عملية تجميلية"

أما جوهر بن مبارك -محامٍ دستوري- فله رأي مختلف عن سعاد، فهو واحد من الذين يرون تهديدًا في صعود التيارات الإسلامية على قيم الدستور العلمانية.

ويقول ابن مبارك بأن وضع امرأة على رأس قائمة حزب النهضة ليس أكثر من عملية تجميلية: "يتحدث حزب النهضة عن علمانية الدولة، ولكنه ينوي في ذات الوقت جعل الشريعة الإسلامية مصدرا للدستور التونسي".

ويتنافس نحو 11 ألف مرشح في تونس على أكثر من 1600 قائمة حزبية ومستقلة وائتلافية، للفوز بـ199 مقعدا بالداخل و18 مقعدا بالخارج في المجلس التأسيسي المقرر انتخابه مباشرة من الشعب في 23 أكتوبر الجاري لإعداد دستور جديد لتونس ما بعد الثورة.

وفي شهر مارس الماضي حصلت حركة النهضة التونسية الإسلامية على ترخيص لإنشاء حزب سياسي بعد عقود طويلة من عدم الاعتراف بها، ليصبح بذلك أول حزب إسلامي قانونيا في تونس.

وقد تأسست حركة النهضة الإسلامية فى عام 1981 على يد راشد الغنوشى، ومعه عدد كبير من المثقفين المتأثرين بفكر جماعة الإخوان المسلمين المصرية.

وسمح لللحركة بممارسة العمل السياسى فى بداية عهد الرئيس الهارب المخلوع زين العابدين بن على (2011-1987) إلا أنها تعرضت للملاحقة بعد الانتخابات التشريعية عام 1989، وهى الانتخابات التى حصلت فيها الحركة على17% من الأصوات فتم توقيف نحو30 ألفا من الناشطين الإسلاميين وأنصارهم في تسعينيات القرن الماضي، وتم نفى الغنوشى إلى بريطانيا، وهو المنفى الذى عاد منه إثر خلع ابن على في ثورة شعبية عارمة العام الجارى بعد نحو عشرين عامًا فى المنفى.