السبت، 15 ديسمبر 2012

بلدان الربيع العربي تونس وليبيا ومصر في مهب العاصفة بسبب تعثر المرحلة الانتقالية

عواصم ـ وكالات: بعد عامين على انطلاق حركات الربيع العربي، حل الاحباط محل الفرح في تونس ومصر وليبيا، بسبب تعثر المرحلة الانتقالية السياسية التي تعرقلها الانقسامات السياسية والعنف وركود الاقتصاد وتهديدات المتطرفين.
ففي مدينة سيدي بوزيد وسط غرب تونس، حيث اضرم البائع المتجول الشاب محمد البوعزيزي النار في نفسه في 17 كانون الاول (ديسمبر) 2010 تعبيرا عن الاحباط الذي فجر الثورة التونسية، تجرى الاستعدادات للاحتفال بذكراه على خلفية الانشقاقات والجدال.
وقد اقدم قسم من لجنة الاحتفالات على الاستقالة احتجاجا على 'هيمنة' اسلاميي حركة النهضة الحاكمة على هذه التظاهرة. وستغتنم المعارضة هذه المناسبة، لتنظيم تظاهرات ضد الحكومة، العاجزة في رأيها عن البدء في عملية انهاض البلاد.
ويرى سكان هذه المدينة المتمردة بالاجماع تقريبا ان شيئا لم يتغير منذ 2010، خصوصا بالنسبة للبطالة التي تزداد تفشيا.
وتساءل عزالدين نصري، البائع المتجول، على غرار محمد البوعزيزي، الذي لم تجد زوجته عملا منذ تخرجها من الجامعة في 2002، 'عن اي ثورة تتحدثون؟ لم يتغير شيء هنا'.
وتجنبت تونس في اللحظة الاخيرة اضرابا عاما بدعوة من الاتحاد العام التونسي للشغل الذي كان يريد الاحتجاج على هجوم شنه على مقره الرئيسي في العاصمة، مئات من المحسوبين على 'الرابطة الوطنية لحماية الثورة' وهي جمعية غير حكومية تقول المعارضة انها 'ميليشيات' تابعة لحركة النهضة.
واسفرت تسوية في اللحظة الاخيرة مع الحكومة عن الغاء الاضراب من دون تبديد المشاعر السائدة في المعسكر العلماني حول نيات حركة النهضة فرض الشريعة الاسلامية في البلاد، وبالقوة اذا اقتضى الامر.
وكتب الناشط في المعسكر العلماني عمر شهابو في صحيفة 'المغرب' ان الهجوم على مقر الاتحاد جزء من 'خطة انتقامية لراشد الغنوشي (زعيم حركة النهضة) وانصاره السلفيين من اي مؤسسة تونسية ساهمت في بناء تونس العصرية والعقلانية'.
ولم تتمكن الحكومة التي فازت في انتخابات تشرين الاول (اكتوبر) 2011، من ان تنعش الاقتصاد خلال سنة وهي بالتالي متهمة بالتغاضي عن السلفيين الذين يزيدون من تصرفاتهم المستنكرة كمهاجمة السفارة الامريكية في 14 ايلول (سبتمبر).
ولم يحرز المجلس التأسيسي تقدما كبيرا في صياغة دستور جديد، وتشهد اعماله كثيرا من المماحكات والجدالات بين الاسلاميين والعلمانيين. وثمة تخوف من ارجاء الانتخابات المقررة في 2013 بسبب هذا الواقع الذي يضيف عنصرا جديدا على عوامل القلق.
وقد خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الاربعاء علامة ديون تونس طويلة الاجل من 'بي.بي.بي' الى 'بي.بي+' فخفضت بذلك فئة قروض المضاربة بسبب 'عملية الانتقال الاقتصادي والسياسي في البلاد التي تبدو اطول واصعب من المتوقع'.
وتواجه مصر انقساما غير مسبوق منذ ان قرر الرئيس محمد مرسي منح نفسه صلاحيات واسعة.
وبسبب الضغوط، تخلى عن هذه الصلاحيات لكنه تمسك باجراء استفتاء حول دستور كتبه اسلاميون ورفضته المعارضة.
وسالت الدماء من جديد في مصر خلال تظاهرات عنيفة ضد قرار الرئيس المصري مما زاد من حدة التوتر في البلاد. وبناء على قرار القاهرة بسبب الاضطرابات السياسية في البلاد، جمد فجأة الطلب الذي قدمته مصر الى صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدة تبلغ 4.8 مليارات دولار.
وفي ليبيا، تمكنت السلطات من اجراء انتخابات عامة في تموز (يوليو) واستئناف الانتاج النفطي، لكن الاضطراب الامني والتهديدات المتطرفة ما زالا قائمين.
وخلفت الاشهر الثمانية للنزاع المسلح الذي اطاح نظام معمر القذافي، ندوبا تتمثل بتفشي الميليشيات المسلحة وتجارة الاسلحة وتنامي التهديدات الارهابية، التي يجسدها هجوم 11 ايلول/سبتمبر الذي اودى بأربعة امريكيين أحدهم السفير كريستوفر ستيفنز.
تسافر ليلى شقيقة محمد البوعزيزي البائع المتجول، الذي احرق نفسه قبل عامين وفجر الثورة التونسية، غدا السبت الى كندا لاستكمال دراستها الجامعية.
وقالت ليلى البوعزيزي (26 عاما) لفرانس برس 'سأسافر غدا الى كندا' موضحة انها ستتابع دراستها لثلاث سنوات في 'الفنون والتصميم' بمعهد لاسال في مونتريال.
واضافت ان رئاسة الجمهورية التونسية تكفلت بدفع ثمن تذكرة الطائرة، فيما سيتكفل تونسي رفضت الكشف عن اسمه بتكاليف دراستها.
وحصلت ليلى سنة 2006 على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) وعملت فترة في قسم مراقبة جودة الملابس بمصنع نسيج.
والخميس التقت في تونس وزير الخارجية الكندي جون بيرد الذي تمنى لها 'حظا سعيدا في دراستها بكندا وعبر عن تضامن كندا مع تونس عشية احتفالها بالذكرى الثانية لثورة الياسمين' بحسب بيان للخارجية الكندية.
والتقى الوزير الكندي الخميس في تونس مع الرئيس منصف المرزوقي واتفق معه على ضرورة اطلاق خط جوي مباشر بين البلدين.
واندلعت الثورة التونسية يوم 17 كانون الأول (ديسمبر) 2010 عندما أقدم البائع المتجول محمد البوعزيزي (26 عاما) على سكب البنزين على جسمه وإضرام النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد (وسط غرب)، احتجاجا على مصادرة الشرطة عربة الفواكه التي يعيش منها لعدم حمله 'ترخيصا' من البلدية.
وتوفي البوعزيزي في الرابع من كانون الثاني/يناير 2011 في المستشفى متأثرا بحروقه البليغة.

القدس العربي