الأحد، 22 مايو 2011

لا لأمركة تونس

http://www.alakhbar.info/files/26569.pngالذين هللوا لخطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما الأخير، الذي تحدث فيه عن المرحوم البوعزيزي واعتبره رمزا للثورة والإصلاح السياسي والبناء الديمقراطي في العالم العربي،

يعيدون للأذهان ذلك الفرح الساذج الذي شعر به عديد المواطنين لحظة وقوف أعضاء الكونغرس الأميركي وتصفيقهم الحار إبان ثورة الرابع عشر من جانفي، في سياق ما سمي آنذاك بتحية الإدارة الأميركية لثورة الشعب التونسي.

فعلى حدّ علمنا المتواضع، لا يصفق الأمريكان ولا يقفون إجلالا، إلا لمصلحة يتوصلون إليها، أو سيناريو ينجحون فيه، أو حرب يفوزون بكعكتها أو النصيب الأوفر منها.

لا شك أن من حق الولايات المتحدة الأميركية أن تحرص على مصالح شعبها وأمنها القومي الذي يبدأ من آخر بقعة في العالم، كما من خصوصياتها التي لا يجادلها فيها أحد، إقامة التحالفات هنا وهناك لتقوية نفوذها وتوسيع شبكة مصالحها، لكن الذي قد لا نوافقه الإدارة الأميركية، هو التعامل مع الثورات ـ والثورة التونسية إحداها ـ بمنطق "المزارع الخلفية"، وبعقلية الاستحواذ والاستقطاب ضمن هاجس الغنائم الذي يقود السياسة الأميركية في أكثر من بقعة في العالم.

ليس معنى هذا أن على تونس أن تكون في خندق مضاد للولايات المتحدة الأميركية، ولكن عهد "السياسة الأبوية" التي كانت تخضع إليها تونس خلال نحو خمسين عاما من تاريخها أو تزيد، لم تعد اليوم مقبولة شعبيا ولا سياسيا، لأن التونسيين أمسكوا بمصيرهم بين أيديهم وهم اليوم من يحدده ويضبط اتجاهاته وبوصلته.

صحيح أن ثمة أحزابا ارتهنت للعم سام، واتخذت لها الإملاءات الأميركية "خارطة طريق" لمستقبلها السياسي والحزبي بدعم من بعض رجال الأعمال "المتأمركين"، لكن ذلك لن ينطل على التونسيين، ومن اختار أن يخيط لهم نموذجا من خارج التربة التونسية، فإن مصيره إلى زوال لأن مثل هذه "المشروعات السياسية" القادمة من وراء البحار قد ولى عهدها، سيما وأن طاولة التونسيين مليئة بأطعمة كثيرة نابتة في بلادنا، ومن رحم ثورتنا، بعيدا عن أي إملاء، أو سيناريوهات مغشوشة حتى وإن تغلفت بتصفيق أعضاء الكونغرس أو بإشادة أوباما برمز الثورة التونسية، البوعزيزي.

إن الشعب التونسي لم يعد يقبل بأي وصاية مهما كان عنوانها أو أجندتها أو اسم صاحبها، حتى وإن كان حزبا تونسيا بلون أو دعم أميركي.

هذا درس نتمنى على سياسيينا وقيادات الأحزاب عندنا أن يهضموه جيدا، قبل فوات الأوان.