الجمعة، 14 سبتمبر 2012

حامد القروي يكشف : هذه تفاصيل لقاءاتي مع حمادي الجبالي

تحدّث الوزير الأول الأسبق حامد القروي لإذاعة «موزاييك أف أم» أمس عن الوضع العام في البلاد وعن إقصاء التجمعيين وملفات الفساد والحكومة الحالية وسبل تسيير المرحلة الانتقالية ودوره فيها.

ـ في معرض حديثه عن علاقته بحركة النهضة قال حامد القروي إن القيادي في الحركة حمادي الجبالي رئيس الحكومة المؤقتة اتصل به هاتفيا حين كان عضوا في الديوان السياسي وأكد أن المرحوم محمد مزالي الوزير الأول الأسبق كان يتفق معه في ضرورة الاعتراف بحزب سياسي نحو مرجعية اسلامية وأن محاكمة أبناء الاتجاه الاسلامي وايداعهم السجون لم يكن الحل الأسلم.

واعترف قائلا إن المرحوم محمد مزالي كان يرغب في لقاء الشيخ عبد الفتاح مورو أحد مؤسسي الاتجاه الاسلامي وقال ان لقاءه السري بحمادي الجبالي جرى الحديث فيه حول شروط الاعتراف بحركة الاتجاه الاسلامي كحزب سياسي كما جرى بينهما لقاء ثان غير أن مساعي الاعتراف بالحركة فشلت بمغادرة حمادي الجبالي التراب التونسي نحو الجزائر.

وعاد الدكتور حامد القروي للحديث مجددا ليقف عند سنة 1989 حيث تم الترخيص للاسلاميين بالترشح في الانتخابات التشريعية وقال ان الحركة ترشحت في الكثير من الدوائر الانتخابية وكانت تتميز بالتنظيم المحكم لقواعدها انتهت بفوز الحزب الحاكم آنذاك رغم أن الحركة فازت بأغلب المقاعد في دائرة مساكن بولاية سوسة.

كما اعترف حامد القروي بأن حركة النهضة ساندت بن علي في ذلك الوقت على خلفية الوعود الكثيرة التي أطلقها بعد تسلمه الحكم في 7 نوفمبر 1987 ظنّا منهم أن بن علي سيؤسس لتعددية سياسية حقيقية ويرسي نظاما ديمقراطيا وأنه كان يعد لمنح حركة النهضة تأشيرة العمل القانوني سنة 1990 غير أنه تراجع فجأة عن هذه الخطوة ولا أحد يعرف سبب هذا التراجع.

ودافع القروي بشدّة عن «الدساترة» الذين قال إنهم خدموا البلاد ولم يخدموا بن علي قائلا «لا أحد منا وضع دينارا واحدا لا يحق له في جيبه» ومعتبرا أنّ من يصفونهم اليوم برموز الفساد كلهم «نظاف».

وخاطب القروي «الدساترة» بالقول «رأسنا مرفوع لأننا لم نسرق بل نريد أن نعرف من سرق وما هي نسبة السراق من التجمعيين ونطالب بقائمة بأسماء الفاسدين التجمعيين حتى لا يتم معاملة الجميع على نفس الدرجة من الإقصاء».

دفاعا عن «الدساترة»

ورأى القروي أن إقصاء التجمعيين وكل من عمل مع بن علي وحرمانهم من ممارسة العمل السياسي أمر غير مقبول ولا منطقي حتى من الناحية القانونية موضحا أنه إذا كان مشروع قانون الإقصاء سيعرض على المجلس التأسيسي للتصويت فهذا غير مقبول لأنه لا يمكن للمجلس أن ينصب نفسه بديلا عن القضاء».

وذهب القروي إلى القول إن الفساد بات منتشرا اليوم بصفة أكثر مما كان عليه في السابق وإن هناك حديثا عن «طرابلسية جدد» مضيفا «نحن نريد مقاومة الفساد ونريد «الكبس» لأننا كنا بشكل ما ضحايا للفاسدين» ومشيرا إلى أن البعض من أصهار بن علي كان ثريا حتى قبل معرفته.

وأكّد القروي أنه لا هو ولا أحد من وزراء بن علي حذر الرئيس السابق من تغوّل عائلته معتبرا أن ذلك لم يكن من شؤون الدولة وأن الوزراء كانوا مهتمين بالشأن الاقتصادي والاجتماعي وأن الدكتاتورية بدأت مع بورقيبة وليس مع عائلة بن علي.

وردا على سؤال حول ما إذا كان طرفا في كل ما حصل من تجاوزات باعتباره كان شاهدا على نظام استبداد وأحد أبرز أركانه (وزير أول ونائب رئيس التجمع لفترة طويلة) أكد القروي أنه لا يعتبر نفسه طرفا في ذلك وأنه كان له شرف المحاولة، محاولة إرساء نظام ديمقراطي عام 1990 كما صارت من قبل عام 1981 لكن دون جدوى.

وبخصوص محاكمته بتهمة «تمويل التجمع» قال القروي إنه سمع بهذا الأمر في الجرائد قبل المثول أمام قاضي التحقيق موضحا أنه قال للقاضي إن هذا الأمر لا يهم التجمع فحسب بل الأحزاب والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني واتحاد الشغل واتحاد الفلاحين... وحين قال له القاضي إنه مكلف فقط بالنظر في قضية تمويل التجمع أجابه القروي بأن القضية سياسية.

وأشار القروي إلى أنه عمل طبيبا لمدة 30 سنة في سوسة وعندما دخل الحكومة صرح بممتلكاته وعندما خرج عام 1999  قدم نفس التصريحات دون أن يكون قد كسب في الأثناء «ياجورة ولا شبر تراب» حسب تعبيره.

أما بخصوص «استغلال النفوذ» فأكد القروي انه لم يستغل نفوذه ولم يتعدّ على أحد ولم يظلم أحدا وإن لديه شهودا هم السادة القضاة حيث عمل 14 شهرا في وزارة العدل ولم يتدخل في أي ملف بل سهل عمل القضاة وبعث المعهد العالي للقضاء لتكوين القضاة ووضع مجلة المحاماة، حسب قوله.

وعرج القروي على ملف رجال الأعمال الممنوعين من السفر قائلا «إن هذه خسارة لتونس وأرى أن هناك حلا قد لا يوافقني عليه رجال القانون وهو أن تتقدم السلطة التنفيذية إلى المجلس التأسيسي بمشروع قانون ينص على السماح لرجال الأعمال بالسفر والتنقل ومغادرة البلاد بشرط رهن ممتلكاتهم قبل مغادرة التراب التونسي أي أن تكون تلك الممتلكات على ذمة الدولة في حال عدم عودة رجل الأعمال الذي يغادر» ورأى أن في ذلك مصلحة للاقتصاد الوطني.

المساندة النقدية

وتحدث الوزير الأسبق عن العدالة الانتقالية التي وصفها بالسراب الذي «كلما اقترب اختفى» معتبرا أن ما يجب ان يكون «ليس عدالة انتقالية ولا انتقامية ولا انتقائية ولا شعبية بل عدالة فحسب، والعدل أساس العمران».

وعن الوضع العام في البلاد قال القروي إن هناك عدة أشياء معلقة اليوم وعلى الحكومة أن تكون مرنة و«تحل اللعب» وعلى المعارضة ان تتخلى عن حدتها وان يتم تقديم تنازلات من كل الجهات» وذهب إلى القول إن «كل من يعارض الحكومة في هذه الظروف ومن عارضها سواء في عهد محمد الغنوشي أو الباجي قائد السبسي أو حمادي الجبالي لا يريد الخير لتونس».

وتابع القروي قوله «هناك من راهن على إسقاط الحكومة وهؤلاء يريدون تدمير البلاد» معتبرا أن المطلوب اليوم «أن نساعد الحكومة لا أن نقول معارضة بناءة أو نقدية، المطلوب أن نقدم مساندة نقدية للحكومة وأقول للدساترة يجب أن نساعد هذه الحكومة بأقصى جهد».

وعن دوره في المرحلة الانتقالية قال القروي إنه لم يكن له تدخل لا من قريب ولا من بعيد لا في التسويات ولا في القرارات ولا الخيارات في عهدي الغنوشي وقائد السبسي.

وأشار القروي إلى أنه التقى رئيس الحكومة الحالي حمادي الجبالي في مناسبتين الأولى بعد الثورة بأسابيع قليلة لتسهيل بعض الأمور مع الوزير الأول آنذاك محمد الغنوشي بخصوص عودة الشيخ راشد الغنوشي من لندن والثانية بعد انتخابات المجلس التأسيسي حيث زاره الجبالي زيارة مجاملة وهنأه القروي بالفوز في الانتخابات لكنه نفى أن يكون قد نصحه أو أثر عليه لتولي رئاسة الحكومة بعد تلك الانتخابات.

الشــــروق -