الاثنين، 12 سبتمبر 2011

شبح أموال القذافي يُحلق فوق الإنتخابات التونسية

 أقسم العقيد الليبي الهارب معمر القذافي على إفساد الثورة التونسية التي انتصرت على الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وعلى رغم أن الثوار الليبيين لم يتركوا له الوقت الكافي لإتمام هذه المهمة، إلا أن أطرافا مقربة منه تسعى إلى تقويض المسار الديموقراطي في البلد الجار بأموال مشبوهة كما يقول التونسيون.

وتجمع مئات الشباب أمس في المركز الشبابي والرياضي في ضاحية المنزه القريبة من وسط العاصمة تونس، تلبية لدعوة من حركة لم يسمع بها التونسيون قبل الحملة الإعلانية الواسعة التي أطلقتها أخيرا حزب "الإتحاد الوطني الحر"، والتي يتزعمها رجل غير معروف يُدعى سليم الرياحي. وقال سياسيون من أحزاب مختلفة لـ إن الرياحي كان يُقيم في ليبيا، وهو من رجال معتصم النجل الرابع للعقيد معمر القذافي، واتهموه باستخدام أموال طائلة لمحاولة لعب دور مؤثر في السياسة التونسية. وقال شباب شاركوا في التجمع الكبير الذي أقيم أمس في ضاحية المنزه لـ إن باصات نقلتهم من مناطقهم وأنهم لا يعرفون شيئا عن الحزب الذي دعاهم إلى الحضور ومنحهم مكافأة مالية رفضوا الكشف عن قيمتها.

وكان لافتا أن حزب الإتحاد الوطني الحر تجاوز جميع الأحزاب التونسية واكتسحت الإعلانات التي بثها الحزب في الأيام الأخيرة المحطات الإذاعية والتليفزيونية المحلية بكثافة غير معهودة، حتى أن أحد الخبراء الإعلاميين وصفها بكونها "تسونامي إعلاني" لا عهد للبلد به إلا في عهد الرئيس السابق بن علي. كما غطت إعلانات الحزب الصحف المحلية بحجم غير مألوف، ما دل على ضخامة الإمكانات التي سخرها الحزب للقيام بحملته الإعلانية. وافادت إحدى الصحف المحلية ان سليم الرياحي استعان بخبيرين من فرنسا ولبنان متخصصين في الدعاية الإنتخابية لوضع الخطة الإعلانية للحزب التي قالت عنها إنها "سابقة في تاريخ الحياة السياسية التونسية".

ولاحظت  أن التيار المقرب من النظام الليبي المخلوع رشح لوائح في غالبية الدوائر على أمل الفوز بمقاعد في المجلس الوطني التاسيسي، والتأثير تاليا في المسار السياسي الرامي لإقامة نظام ديموقراطي. وتتوجس قطاعات واسعة من النخبة المحلية من مخاطر التداخلات الخارجية في العملية السياسية التي يقودها رئيس الوزراء الإنتقالي الباجي قائد السبسي. وظهرت تعاليق ربطت بين الدور الذي يقوم به حاليا حزب الإتحاد الوطني الحر والخطاب الشهير الذي ألقاه العقيد معمر القذافي في أعقاب انتصار الثورة الشعبية في تونس، والذي ابدى فيه امتعاضه من الإطاحة بزين العابدين بن علي، مُعتبرا إياه "أفضل رئيس لتونس" ومتمنيا أن يبقى رئيسا للبلد متى الحياة.

وكان لافتا أن القذافي ختم خطابه ذاك بكلمتين أشاعتا مخاوف عميقة لدى السياسيين التونسيين إذ قال "على تونس السلام". ويعتقد مراقبون أنه لولا انشغال القذافي بمحاربة الثوار الذين أشعلوا الأرض تحت أقدامه اعتبارا من 17 شباط (فبراير) الماضي، لتفرغ لتقويض الثورة في تونس. ودل اعتقال بعض المسلحين الآتين من ليبيا على أن القذافي كان يسعى لهز الإستقرار في البلد المجاور على أمل أن ينتفض التونسيون ضد حكومتهم، وتتعطل تاليا العملية السياسية. غير ان عجلة التغيير دارت بأسرع مما توقع فأطاحته قبل أن يُخرب الثورة التونسية. ولا يستبعد محللون أن يكون مصدر أموال بعض اللاعبين المحليين في الإنتخابات المقبلة ليبيا القذافي، في محاولة جديدة لإرباك المسار من الداخل.
تونس –  من رشيد خشانة -