الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

صعوبات تُـواجـه مسار التحوّل إلى إعـلام مستقل في تونس

تستعد وسائل الإعلام التونسية المرئية والمسموعة والمقروءة لتغطية انتخابات المجلس الوطني التأسيسي يوم 23 أكتوبر القادم.

وفي سياق الإستعدادات الحثيثة لهذه الخطوة الحيوية في المسار الإنتقالي، تم إبرام عدد من الشراكات مع إذاعات ومنظمات غير حكومية من بلدان الشمال، مثل المؤسسة السويسرية "هيرونديل" (أو الخُطاف).

فقد أقدمت هذه المؤسسة التي يُوجد مقرها في لوزان غرب سويسرا، والمعروفة بإشرافها منذ التسعينات على تأسيس عدة إذاعات في بلدان مزقتها الحروب (مثل البوسنة والهرسك وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وليبيريا، وكوسوفو)، في 24 أغسطس على توقيع اتفاق مع إذاعة الجمهورية التونسية (عمومية).

وجاء في توضيح وزعته "هيرونديل" في نشرتها الإخبارية الدورية أن "المدير العام للإذاعة الوطنية التونسية، المعين من قبل الحكومة الإنتقالية، اقترح على مؤسسة " هيرونديل " مساعدته في تغطية الإنتخابات المتوقعة في إطار المرحلة الانتقالية. لأن الصحفيين التونسيين يفتقرون للتجربة في هذا الميدان نظرا لكون البلد لم يعرف أية انتخابات ديمقراطية طوال الثلاثين عاما من الحكم الديكتاتوري. وهذا الطلب المقدم هو للحصول على دعم من أجل وضع ميثاق انتخابي وجدول برامج خاص بالإنتخابات".

وأوضحت المؤسسة أنه "فيما يخص تمويل المشروع، فهو استجابة لعرض تقدمت به الحكومة الأمريكية إلى وزارة خارجيتها من أجل دعم المرحلة الإنتقالية في تونس، وهو العرض الذي يشمل خمسة محاور: دعم الإنتخابات وتعزيز نشاط مؤسسات المجتمع المدني وانفتاح وسائل الإعلام ودعم الإقتصاد وتعزيز دولة القانون".

بالإضافة الى ذلك يقول صامويل تولبان، المشارك في المشروع "لا يتعلق الأمر بتأسيس محطة إذاعية جديدة مثلما فعلنا ذلك في مناطق أخرى، نظرا لكون شبكة الإذاعات العمومية في تونس تغطي التراب الوطني بشكل جيد بقنواتها العمومية التسع والتي تتكون من 4 قنوات وطنية، و5 قنوات جهوية. لكن دورنا يتمثل في تقديم المشورة والخبرة، والإسهام بتقديم الأفكار، مع اتخاذ القرارات بشكل مشترك مثلما ينص على ذلك الإتفاق الذي يربطنا".

دعم ومساعدات .. ومصالح؟

على غرار مؤسسة " هيرونديل"، هناك العديد من المؤسسات والإذاعات التي تعرض تكوينا للصحفيين التونسيين في مرحلة تأقلمهم مع التحول الديمقراطي. في هذا السياق، ترى عواطف مزوغي من القناة الثقافية بالإذاعة الوطنية التونسية أن "الحصول على التكوين أمر جيد، فقد حصلنا على تكوين من هيئة الإذاعة البريطانية ومن إذاعة مونتي كارلو. أما تكوين الصحفي فيتم في الميدان. لكن هذا الدعم المقدم من قبل المؤسسات الأجنبية، كثيرا ما يخفي وراءه بعض المصالح. فالثورة والمرحلة الإنتقالية التي نعيشها اليوم لهما خصوصياتهما التي تفرض علينا تحديد مصلحتنا بأنفسنا".

وأضافت السيدة مزوغي "منذ سقوط نظام بن علي في 14 يناير، تولت هيئات التحرير بالإذاعة العمومية زمام الأمور بنفسها تحدوها في ذلك طموحات كبيرة. فقد أصبحنا نتناول بالتحليل كل المواضيع بدون أية "محرمات" (طابوهات)، وهذا على النقيض مما يحدث لدى زملائنا في التلفزيون العمومي المعرضين لضغوط أكثر ولهيمنة إطارات تابعة للنظام السابق".

بقايا النظام السابق

هذا الموقف تشاطره نجيبة الحمروني، رئيسة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي قالت: "هناك تعيين لعدة مدراء عامين منذ قيام الثورة  على رأس هيئة الإذاعة والتلفزة العمومية. ولكن بقية الإطارات التي عينت في عهد بن علي مازالت في مناصبها ومازالت تشرف على نظام رقابة مترسخ بشكل أكبر في التلفزة أكثر مما هو الحال في الإذاعة، بحيث تحاول هذه الإطارات التدخل أكثر في عمل الصحفيين".

في المقابل، يُورد صامويل توربان موقفا مغايرا حيث يقول: "شركاؤنا التونسيون يصلون إلى قناعة، بأن بعد 14 يناير حدث تحرير للكلمة مع حدوث كل الإنحرافات الممكنة. وهذا ما أدى الى عدم إيجاد توازن والى ظهور توترات. وأصبحت بعض الملاحظات تبدو وكأنها عملية رقابة خصوصا عندما يتعلق الأمر بتوضيح هل يتعلق الأمر بمواقف معبر عنها، أو أهمية توضيح مصادر الخبر".

ومن أجل ضمان حرية الصحفي، يتم الإعداد حاليا لميثاق جديد للعمل الصحفي من المقرر أن تتم المصادقة عليه قبل انتخابات 23 أكتوبر. وهو المشروع الذي يعارضه بعض الصحفيين.

وهناك عنصر آخر بإمكانه أن يزيد من تشجيع وسائل الإعلام الراغبة في الوصول الى الجودة في الأداء، حسب السيدة نجيبة الحمروني وهو "عنصر التعطش الكبير لدى المواطن التونسي للأخبار مما يجعله يقارن دوما أداء الصحافة الوطنية بما يتم لدى بعض المحطات الدولية".

تأثير الوضع الليبي

وإذا كان الوضع الإقليمي لا يؤثر بشكل مباشر في مسار دعم استقلالية وسائل الإعلام، فإن بزوغ شمس الحرية في ليبيا المجاورة سوف لن يكون إلا مشجعا على استتباب الأمن وتعزيز الإقتصاد في تونس. وتذكـر السيدة الحمروني بأن "هناك العديد من اللاجئين الليبيين الذين تم احتضانهم  من قبل العائلات التونسية وهناك العديد من التونسيين الذين يعملون في ليبيا. فإذا ما تم استئناف المبادلات وتنقل الأشخاص بين البلدين المتقاربين على أكثر من صعيد، فإن ذلك سيفتح آفاقا مبشرة للغاية".

فريديرك بورنون- swissinfo.ch